أحدهما: أن المراد من هذا الكلام أنه يكفيه من الخطبة ما كان يكفيه لو لم يصل إلا واحدة من الصَّلاتين وهي خطبتان، ولا يحتاج إلى أربع خطب وليس المراد أنه تكفي خطبة فردة.
وثانيهما: أن كلام الأصحاب ينازع في اللَّفظ الذي ذكره فإنهم قالوا: "لا يخطب للجمعة والكسوف"؛ لأن الخطبة فرض في الجمعة، ولا يجوز التَّشريك بين الفرض والنَّفل، ولكن يخطب للجمعة، ثم يذكر فيها أمر الخُسوف بخلاف العيد والخسوف يجوز أن يقصد بخطبته كلتيهما؛ لأنهما سنتان (?). قالوا: ولهذا قال الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" في مسألة اجتماع العيد والخسوف "ثم يخطب للعيد والخُسوف".
وقال في مسألة اجتماع الجمعة والخسوف: "ثم يخطب للجمعة ويذكر فيها الخسوف " فإذاً اللفظ مؤول، والمعنى أنه لا يحتاج إلى خُطْبَتَيْن لكلِّ صلاة.
والفصل الثَّاني: أن طائفة اعترضت على تصوير الشَّافعي -رضي الله عنه- اجتماع العيد والخسوف، وقالت: هذا محال؛ لأن العيد إما الأول من الشهر، وإما العاشر والكسوف لا يقع إلاَّ في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، وأجاب الأَصحاب عنه بوجوه:
أحدها: أن هذا قول أهل التَّنْجيم، وأما نحن فنجوّز وقوع الكسوف في غير اليومين المَذْكُورَيْن، فإنَّ الله تعالى على كلِّ شَيْءٍ قدير، وقد نقل وقوع مثل ذلك إذ صح أَنَّ الشَّمْسَ انْكَسَفَتْ يَومَ مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْنُ رسول الله (?).
وروى الزُّبير بن بكَّار -رضي الله عنه- في كتاب "الأَنْسَابِ" أَنَّه تُوُفِّيَ فِي العَاشِرِ من رَبيعٍ الأَوَّلِ" (?). وروى البَيْهَقِيّ مثله عن الواقدي بإسناده (?)، وكذلك اشتهر أن قتل