الثالثة: يستحبُّ الجهر بالقراءة؛ في صلاة خُسوف القمر والإسرار في خسوف الشمس. وبه قال مالك وأبو حنيفة خلافاً لأحمد -رحمهم الله- حيث قال: "يجهر فيها أيضاً" وبه قال أبو يوسف، وفيما ذكره الصَّيدلاني أن مثله يروى عن أبي حنيفة.

لنا ما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه حكى صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في خُسوف الشمس فقال: "قرأَ نَحْواً مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ" (?). ولو جهر لكان لا يقدره وروي عنه أنه قال: "كُنْتُ إِلى جَنْبِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفاً" (?).

وقوله في الكتاب: "ولا يجهر في صلاة الكُسُوف، ويجهر في صلاة الخُسُوف" تخصيص للفظ الكُسُوف بالشَّمس والخسوف بالقمر وقد قيل بذلك" لكن استعمال كل واحد من اللَّفظين فيهما صحيح سائغ في اللغة.

وتجوز أن يعلّم قوله: "ولا يجهر" بالواو مع الألف؛ لأن أبا سليمان الخطَّابي ذكر أنَّ الذي يجيء على مذهب الشَّافعي -رضي الله عنه- الجهر فيهما واحتجّ له بما روى عن عائشة -رضي الله عنها-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِهِمْ في كُسُوفِ الشَّمْسِ وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ" (?) -والله أعلم-.

قال الغزالي: فُرُوعٌ المَسْبُوقُ إِذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِي لَمْ يُدْرِكِ الرَّكْعَةَ لِأَنَّ الاصْلَ هُوَ الأَوَّلُ.

قال الرافعي: عدّ في "الوسيط" المسائل من هذا الموضع إلى قريب من آخر الباب ثلاثة فروع، وهذا الفصل يشتمل على أولَّها غرضه الكلام في المسبوق في هذه الصَّلاة فنقول: إن من أدرك الإمام في الركوع الأول من الركعة الأولى فقد أدرك الصَّلاة ولو أدركه في الرّكوع الأول من الرَّكعة الثَّانية كان مدركاً للركعة فإذا سلم الإمام قام وصلى ركعة بركوعين، ولو أدركه في الركوع الثاني من إحدى الرّكعتين فالمنقول عن نصّه في البويطي أنه لا يكون مدركاً لشيء من الرَّكعة أصلاً، وعن صاحب "التَّقْرِيب" حكاية قول آخر أنه بإدراك الرّكوع الثاني يصير مدركاً للقومة الَّتي قبله فعلى هذا لو أدرك الرّكوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015