قضاء، فهل يجوز تأخيرها عنه؟ فيه قولان: ومنهم من يقول وجهان:
أصحهما: نعم كالفرائض إذا فَاتَتْ لا يتعيَّن وقت قضاؤها.
والثَّاني: لا، لأن الحادي والثَّلاثين يجوز أن يكون عيداً بأن يخرج الشَّهر كاملاً بخلاف ما بعده من الأيام ثم حكى إمام الحَرَمَيْن عن بعض الأصْحَاب، أنا إذا قلنا: تقضى بعد الحادي والثَّلاثين فيمتدُّ إلى شهر، فإن وقع بعد شهر فعلى وجهين.
قال: ولعله في شهر شوال نقص أو كمل وفي بقيَّة ذي الحجّة ولا اعتدّ به من المذهب وجميع ما ذكرناه فيما إذا شهد عدلان مقبولان أوْ مستوران وعدلا في الأوقات المذكورة. فأمّا إذا شهد قبل الغروب وعدلا بعد الغروب فقولان، ويقال وجهان:
أحدهما: أنَّ العبرة بوقت الشَّهادة؛ لأن التَّعْديل وإن بَانَ أخيراً فهو مستند إلى الشَّهَادة.
وأصحهما: أنَّ العبرة بوقت التَّعْديل؛ لأنه وقت جواز الحكم بالشَّهادة، فعلى هذا يصلُّون من الغد بلا خلاف وتكون أداء، وعلى الأول تعود الاختلافات المذكورة، فهذا هو الَّذي أورده معظم الأصحاب وإيضاحه. ولنعد إلى ما يتعلَّق بلفظ الكتاب.
أما قوله: "وإذا فَاتَتْ صلاة العيدين بزوال الشَّمس ... " إلى آخره فاعلم أن الاختلافات المذكورة، عبر عنها في "الوسيط" بالأقوال وإيراد في الكتابين يقتضي طردها في فوات صَلاَةِ العيد للنَّاس كلهم، وفواتها في حق الأفراد وفيما إذا كان الفوات لاشتباه الهلال، وغيره ولكن الفهوم من كلام الأصحاب تخصيص الاخْتِلاف المذكور بصورة اشتباه الهلال وفوات العيد على جميع الناس.
فأما إذا اختصَّ الفوات بالأفراد فلا يجري إلا قولان: منع القضاء وجوازه على التَّأييد، ولا يتَّجه التخصيص بالحادي والثَّلاثين لما ذكره إمام الحرمين.
فقال: هذا اليوم يجوز أن يفرض عيداً، فإقامة شعار الصَّلاة فيه لا يبعد، وفيما بعده من الأيام إقامة الشّعار المعهود مما يستنكره النَّاس، إلا خواصّهم وتعطيل الشّعار أهون من ذلك، ومعلوم أن هذا لا مساغ له في قضاء الأفراد، وأما المصير إلى القضاء في شهر العيد كله، فلم أر نقله إلاَّ للإمام ولم ينقله إلاَّ في اشْتباه الهِلاَل فاعرف ذلك.
ثم قوله: "لا تقضى" معلّم بالألف؛ لأن عند أحمد هي مقضية. وقوله: "تقضى أبداً" بالميم والحاء، فإن عندهما لا تقضى والزَّاي، لأن اختيار المزنيّ مثله.
فإن قيل حيث قلنا: بتخصيص القَضَاء بالحادي والثَّلاثين، فلا شك أن ذلك في عيد الفطر، فهل يختص بالحادي عشر إذا فرض ذلك في عيد الأضحى؟ قلنا: نعم؛ لأنه يجوز أن يفرض يوم عيد إلاَّ أن يقال: إن الشَّهادة بعد دخول ذي الحجة غير