أظهرهما: أن المسألة على أقوال.
أصحها: وهو منقول عن المُزني والبويطي والزَّعفراني -رحمهما الله- أنَّهم يكبرون عُقَيْبَ خمس عشرة مكتوبة، أوَّلها ظهر يوم النَّحر، وآخرها سبح اليوم الثَّالث من أيام التشريق كالحجيج وسائر الناس تَبَعٌ لهم في ذلك. ويروى هذا عن عثمان، وابن عمر، وابن عباس وزيد بن ثابت (?) -رضي الله عنهم-.
والقول الثاني: أنهم يبتدئون عُقَيْبَ المغرب ليلة النحر، كما أن في عيد الفطر يبتدئ التَّكبير عقيب المغرب ولم يبين الانتهاء في هذا النص. وحمله الأصحاب على ما ذكر في القول الأول وعلى هذا يكون مكبّرًا عُقَيْبَ ثمان عشرة صلاة.
والثالث: أنهم يبتدءون عقيب الصبح يوم عرفة ويختمونه عقيب العصر آخر أيام التَّشريق خلف ثلاث وعشرين صلاة لما روى أنه: "كَبَّرَ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَدَّ التَّكْبِيرَ إِلَى الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ" (?). وبهذا قال أحمد واختاره المزنِيُّ وابن سريج. قال الصَّيدلاني وغيره: وعليه العمل في الأمصار ولم ينسب ابن الصَّبَّاغ هذا القول إلى اختيار المزنيّ، ولكن قال عنده: "يكبر من الظُّهر يوم النَّحر إلى الظّهر من اليوم الثالث".
والطريق الثاني: القطع بالقول الأول وحمل ما عداه على حكاية مذهب الغير.
وقال أبو حنيفة: يكبر من الصبح يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر، وهي ثمان صلوات. وروى بعض أصحابنا عن مالك مثل القول الأول، وروى بعضهم عنه مثل القول الثالث. وقوله في الكتاب: "عقيب خمس عشرة" معلم بالحاء. والميم والألف والزاي والواو، لما حكيناه من الاختلافات وجميع ما ذكرناه في وظائف الوقت.
ولو فاتته فريضة من فرائض صلاة الأيام فقضاها في غير هذه الأيام لم يكبر عقيبها؛ لأن التَّكبير شعار هذه الأيام.
ولو فاتته في غير هذه الأيام أو في هذه الأيام وقضاها في هذه الأيام ففيه قولان:
أحدهما: لا يكبر خلفهما؛ لأنها غير مؤداة في وقتها.