الوجهين الأولين؛ قال: إنما ذكر لفظ الرواح لأنه خروج لأمر يؤتى به بعد الزوال، ثم ليس المراد من السَّاعات عى اختلاف الوجوه الأربع والعشرين التي قسم اليوم والليلة عليها، وإنما المراد ترتيب الدرجات وفضل السابق على الذي يليه.
واحتج القَفَّالُ عليه بوجهين:
أحدهما: أنه له لو كان المراد بالساعات المذكورة لاستوى الجانبان في الفضيلة في ساعة واحدة مع تعاقبهما في المجئ.
والثاني: أنه لو كان كذلك لاختلف الأمر باليوم الشَّاتِي (?) والصَّائف، ولفاتت الجمعة في اليوم لمن جاء في السَّاعة الخامسة.
قال الغزالي: الثَّالِثُ لُبْسُ الثِّيَابِ البِيضِ وَاسْتِعْمَالُ الطِّيبِ، وَالترَجُّلُ فِي المَشْي مَعَ الهَيْنَةِ وَالتُّؤَدَةِ، وَلاَ بَأْسَ بحُضُورِ العَجَائِزِ مِنْ غيْرَ زِينَةٍ وَتَطَيُّبٍ.
قال الرافعي: روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيب إِنْ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثم صلَّى مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامَهُ حَتَّى يفرغ مِنْ صَلاَتِهِ كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا، وَجُمُعَته الَّتِي قَبْلَهَا" (?).
يستحب التزين للجمعة يأخذ الشعر والظِّفر والسِّواك، وقطع الروائح الكريهة، ولبس أحسن الثياب، وأولاها البياض، لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْبِسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهُ خَيْرَ ثيِابِكُمْ" (?) وإن لبس مصبوغًا لبس ما صبغ غزله ثم نسج كالبرود، ولا يلبس ما صبغ لونه (?).
قال أصحابنا العراقيون: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَمْ يَلْبَسْ ذَلِكَ".
ويستحب أيضاً أن يتطيب بأطيب ما عنده، ويزيد الإمام في حسن الهيئة ويتعمم، ويرتدي: "كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- كَذَلِكَ يَفْعَلُ" (?).
ويستحب أن يأتي الجمعة ماشياً، ولا يركب إلا لعذر، وكذلك في إتيان العيد