وقال القفال: رأيت في "الموطأ" عنه مثل مذهبنا -والله أعلم-.
وقوله: (بخلاف غُسْل العِيد) (?) فإن فيه وجهين وقد أعاد هذه المسألة وما فيها من الخلاف في صلاة العيدين، وكان الغرض هاهنا بيان افتراق الغُسْلَيْنِ في الوقت وإن لم يبين المعنى الفارق.
الثانية: هل يختص استحباب الغسل بمن يريد حضور الجمعة أن يستحب له ولغيره؟ فيه وجهان، حكى في "البيان" أنهما مبنيان على وجهين في أن غُسْل الجُمُعَة مَسْنُون لليوم أو للصَّلاة.
أحدهما: أنه لليوم؛ لأنه في الأخبار (?) معلق باليوم، فعلى هذا يستحب للكل.
وأصحهما: أنه للصَّلاة فلا يستحب إلا لمن حَضَرَها، وهذا هو المذكور في الكتاب، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن جَاءَ مِنْكُمْ الجمعةَ فَلْيَغْتَسِلُ" (?).
ويخالف غُسْل العيد يستحب للكل؛ لأنه للزينة وإظهار السرور، وهذا الغسل للتنظيف وقطع الروائح الكريهة، كيلا يتأذى من يقربه، فاختص بمن يريد الحضور، ولو نازع منازع في طرفي هذا الفرق لم يكن بعيداً، ولا فرق في حق من يريد الحضور بين أن يكون من أهل العذر أو لا يكون؟ وعن أحمد أنه لا يستحب الغُسْل للنِّساء، ولا يقدح الحدث بعد الغسل فيه (?) وبه قال مالك في "الموطأ".
الثالثة: قال الصَّيدلاني وغيره من الأصحاب: إن لم يجد الماء لغسل الجمعة فتيمم حاز الفضيلة، ويتصوَّر ذلك في موضوعين:
أحدهما: الذي به قروح على غير موضع الوضوء يتيمم بنية الغسل.
والثاني: قَوْمٌ في بَلَدٍ توضأوا ثم نفذ ماؤهم فتيممووا بدلاً عن الغُسْل.
قال إمام الحرمين: والظَّاهر ما ذكره الصَّيدلاني، وفيه احتمال من جهة، أن هذا الغسل منوط بقطع الروائح الكريهة والتنظيف، والتيمم لا يفيد هذا الغرض، ورجح حجة الإسلام هذا الاحتمال حيث قال: والأولى أن لا يتيمم أي من الوجهين.
وقوله: (وقيل يتيمم) هو الوجه الذي ذكره عامة الأصحاب.