والثاني: أن المفروض هو الثاني؛ لأنه به خرج عن الحرج.
والثالث: أنهما فرضان للمتعينين.
والرابع: أن الفرض أحدهما لا بعينه إذ المفروض في اليوم والليلة خمس صَلَوات، ونظير هذه الأقوال قد سبق فيمن صَلَّى منفرداً، ثم أدرك جماعة، ويشبه أن يكون بعضها منصوصاً، وبعضها غير منصوصاً، والذي نقله ابن الصباغ وغيره في المسألة تفريعاً على القديم إنما هو الرابع، وقال (?): يتحسب الله تعالى جدّه بما شاء منهما، وإذا أثبتنا الأقوال فينبغي أن لا نختص بقولنا: أن الخطاب بالجُمُعة لا يسقط عنه بل يطرد (?) على قولنا بسقوط الخطاب بالجمعة أيضاً، كما إذا صَلَّى منفرداً وأعاد في جماعة فإنه غير مخاطب بالثَّاني، وهذا كله فيما إذا صلَّى الظُّهرَ قبل فَوَاتِ الجُمُعة، فإن صَلاَّهَا بعد الركوع الثَّاني للإمام وقبل فراغه، قال ابن الصباغ: ظاهر كلام الشافعي -رضي الله عنه- يَدُلُّ عَلى الْمَنْع يعني في الجديد، ومن أصحابنا من يقول بالجواز، وفيما إذا امتنع أهل البلدة جميعاً من الجمعة وصلُّوا الظهر الفوات يكون بخروج الوقت أو ضيقه بحيث لا يسع الركعتين.
قال الغزالي: وَهِيَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَإنَّمَا تَتَمَيَّزُ بِأرْبَعَةِ أُمُورٍ: الأَوَّلُ الغُسْلُ وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بَعْدَ (ح) الفَجْرِ، وَأَقْرَبُهُ إلَى الرَّوَاحِ أَحَبُّ، وَلاَ يُجزِئُ قَبْلَ الفَجْرِ بِخِلاَف غُسْلِ الْعِيدِ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَلاَ يُسْتَحَبُّ إلاَّ لِمَنْ حَضَرَ الصَّلاَة بِخِلاَفِ غُسْلِ العِيدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَوْمُ الزَّينَةِ عَلَى العُمُومِ. وَالأَوْلَى أَنْ لاَ يَتَيَمَّمَ بَدَلاً عَنِ الغُسْلِ عِنْدَ فَقْدِ المَاءِ، وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ.
قال الرافعي: قوله: (في كيفية الجمعة) أراد به كيفية إقامتها بعد اجتماع شَرَائطها، وأما الأركان التي يتركب عنها ذاتها فلا فرق فيها بينها وبين سائر الصَّلوات، والقصد بالباب التعرض لأمور مندوبة تمتاز بها الجمعة عن سَائِر الفرائض وجعلها أربعة:
أحدها: الغسل، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الجمعةَ فَلْيَغتَسِلْ" (?).