قال الرافعي: إذا خرج الإمام عن الصَّلاة بحدثٍ أو غيره، وأراد أن يستخلف فذلك إما أن يكون في غير الجمعة أو فيها، والمذكور في الكتاب هو القسم الثاني، فنذكر الأول على الاختصار، ثم نعود إلى شرح الثاني، فنقول: إذا أحدث الإمام في سائر الصلوات ففي جواز الاستخلاف قولان، قال: في القديم: لا يجوز ذلك، "لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَحْرَمَ بِالنَّاسِ. ثم ذكر أنه جنب، فذهب واغتسل، ولم يستخلف، ولو كان الاستخلاف جائزاً لأشبه أن يستخلف، ولأنها صلاة واحدة فلا تجوز بإمامين، كما لو اقتدى بهما دفعة واحدة، وقال في الجديد يجوز؛ وهو أصح الروايتين عن أحمد، وبه قال مَالِك وأبو حنيفة -رحمهم الله- لأنها صلاة بإمامين على التعاقب، فيجوز كما أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَجَلَسَ إِلَى جَنْبهِ، فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ (?). وفي "النهاية": أن من الأصحاب من قطع بجواز الاستخلاف في سائر الصلوات، وخص القولين بالجمعة، والمشهور طرد القولين.
التفريع إن لم نجوز الاستخلاف أتم القوم الصَّلاة وحدَاناً، وإن جوزناه فيشترط أن يكون المستخلف صالحاً لإمامة القوم، فلو استخلف امرأةً فهو لغوٌ ولا تبطل صلاتهم إلا أن يقتدوا بها، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: تبطل بنفس الاستخلاف صلاتهم وصلاته (?).
قال في "النهاية": ويشترط أن يجري الاستخلاف على قرب، فلو قضوا على الانفراد ركناً امتنع الاستخلاف بعده، وهل يشترط أن يكون الخليفة ممن اقتدى بالإمام قبل حدثه؟ قال أكثر أصحابنا من العراقيين وغيرهم، إن استخلف في الركعة الأولى، أو [الثالثة] (?) من الصلوات الرباعية من لم يقتد به جاز؛ لأنه لا يخالفهم في الترتيب، وإن استخلف في الثانية أو الرابعة، أو في الثالثة من المغرب لم يجز؛ لأنه يحتاج إلى القيام، وعليهم القعود فيختلف الترتيب بينهم، وأطلق جماعة من الأئمة اشتراط كون الخليفة ممن اقتدى به، وهذا ما ذكره إمام الحرمين -رضي الله عنه- مع زيادة فقال: لو أمره الإمام فتقدم لم يكن هذا استخلافاً ولا هو خليفة، وإنما هو عاقد لنفسه صلاة جار على ترتيبه فيها، لو اقتدى القوم به فهو اقتداء منفردين في أثناء الصَّلاة، وقد سبق الخلاف فيه في موضعه، وهذا قدوتهم انقطعت بخروج الإمام عن الصَّلاة، ولم يخلفه أحد ولا يشترط أن يكون الخليفة ممن اقتدى به في الركعة الأولى، بل يجوز استخلاف المسبوق، ثم عليه أن يراعيَ نَظْمَ صلاة الإمام، فيقعد في موضع قعوده، ويقوم في