الإمام يمنع صحة الجماعة وثبوت حكمها في حق المأموم الجاهل بحاله.

وقالوا: إنه لا يمنع نَيْلَ فضيلة الجماعة في سَائِرِ الصلوات ولا غيره من أحكام الجماعة، وعلى هذا قال في "البيان": لو صلى الجمعة بأربعين فبَانَ أن القوم محدثون صَحَّت صلاة الإمام دونهم، بخلاف ما لو بَانُوا عبيداً أو نساءاً فإن ذلك مما يسهل الاطلاع عليه، وقياس من يذهب إلى المنع، أنه لا تصح جمعة الإمام لبطلان الجماعة.

الصورة الرابعة: لو قام إمام الجمعة إلى ركعة ثالثةٍ سهواً فاقتدى به إنسان فيها فهذه المسألة من فروع ابن الحداد، وشرحها الأئمة فقالوا: أولاً: لو فرض ذلك في سائر الفرائض، فقام الإمام إلى ركعة زائدة واقتدى به إنسان فيها وأدرك جميع الركعة، ففيه وجهان:

أحدهما: أنها لا تحسب له؛ لأنها غير محسوبة للإمام، والزيادة يمكن الاطلاع عليها بالمشاهدة وإخبار الغير، فلا يجزئه كما لو اقتدى بالمرأة والكافر.

وأصحهما: أنها تحسب له، فإذا سَلَّم الإمام يتدارك باقي الصلاة، كما لو صَلَّى خلف جُنْبٍ يجزئه، وإن لم تكن تلك الصلاة محسوبة للإمام بخلاف الكافر والمرأة فليس لهما أهلية إمامته بحال، ولهذا لا يَصِح الاقتداء بهما أصْلاً، وهاهنا يصح الاقتداء بهذا السَّاهي، والكلام في أنه هل يصير مدركاً للركعة أم لا؟ هكذا ذكره الشيخ أبو علي -رضي الله عنه-، وأما في الجمعة فإن قلنا: إنه في غير الجمعة لا يدرك به الركعة فكذلك هاهنا، ولا تحسب بدلاً عن الظهر ولا عن الجمعة، وإن قلنا: يدرك فهل تكون هذه الركعة محسوبة عن الجمعة حتى يضيف إليها أخرى بعد سلام الإمام أو تكون محسوبة عن الظُّهر؟ فيه وجهان بناهما الأئمة على القولين فيما لو بَانَ كون الإمام محدثاً؛ لأن تلك الركعة غير محسوبة من صلاته كركعات المحدث، ولهذا قال في الكتاب: (فهو كالمحدث في حق من اقتدى به جاهلاً) واختار ابن الحداد أنها لا تحسب عن الجمعة واعرف هاهنا أموراً:

أولها: إنما قال: "جاهلاً" لأنه لو كان عالماً بأن الإمام قائم إلى الثَّالثة ساهياً، ومع ذلك اقتدى به لم تنعقد صلاته بحال، كما لو اقتدى بالجنب عالماً بحاله.

وثانيها: لم يذكروا في المحدث أن صلاة المقتدي منعقدةٌ وأن المأتي به يحسب عن الظهر، حتى لو تبين له الحال قبل سَلاَم الإمام أو بعده على القرب يتمها ظُهْراً إذا جوزنا بناء الظُّهْرِ على الجُمُعةِ، وقضية التسوية بين الفَصْلَين الانعقاد والاحتساب عن الظهر في المحدث أيضاً.

وثالثها. من قال في مسألة المحدث: الأصح من القولين أن الجمعة غير صحيحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015