قبل أن يخرج الدّم، فيستخلف، ثم يخرج الدّم، فيلزمه الإتمام؛ لأنه صار مؤتمًا بمقيم في جزء من صلاته. قال المحافلي وغيره: وهذا لا يصح؛ لأنه استخلاف قبل وجود العذر، وأنه لا يجوز ذلك؛ وسئل الشيخ أبو محمد عنه فجعل الإحساس به عذراً، وقال: متى حضر إمام هو أفضل أو حاله أكمل يجوز استخلافه (?).
الثالث: وقال أبو إسحاق: صورة النص أن يعود بعد غسل الدم، ويقتدي بالخليفة إما بناء على القول القديم وإما استئنافاً على الجديد، فيلزمه الإتمام؛ لأنه اقتدى بمقيم في جزء من صلاته؛ فأما إذا لم يقتد فلا يلزمه الإتمام، وهذا أصح الأجوبة عند الأكثرين. قالوا: وقد أشار إليه الشافعي -رضي الله عنه- في التعليل، حيث قال: لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم.
وقوله في الكتاب: (وكذا الراعف إذا عاد واقتدى) جرى على هذا الجواب الصّحيح فإنه قيد لزوم الإتمام باقتداءه بالخليفة. وقد نرى في بعض النّسخ إعلام هذه الكلمة بالزَّاي، وليس بصحيح، فإنه لا نزاع للمزني في لزوم الإتمام إذا اقتدى، نعم، يجوز أن يعلم قوله: (واقتدى) بالواو؛ إشارةً إلى الطريقة المقررة لظاهر النص، فإن الاقتداء ليس بِشَرْطٍ على تلك الطريقة.
قال الغزالي: (الشَّرْطُ الثَّانِي) أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى نِيَّةِ القَصْرِ جَزْماً فِي جَمِيعِ الصَّلاَةِ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ القَصْرَ وَلاَ الإتْمَامَ أَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ القَصْرِ وَلَوْ لَحْظَةً لَزِمَهُ (ز ح) الإِتْمَامُ.
قال الرافعي: من شرط القصر نية القصر، فلو نوى الإتمام لزمه ما التزمه، ولو لم ينو القصر ولا الإتمام لزمه الإتمام أيضاً؛ لأن الأصل هو الإتمام فينعقد مطلق التحرم عليه، ويجب أن تكون نية القصر في ابتداء الصلاة كأصل النية، ثم لا يجب تذكرها في دوام الصَّلاة، ولكن يشترط الانفكاك عن الشَّكِّ والتردد والجزم بالإتمام، فلو نوى القصر أولاً ثم نوى الإتمام -أو تردد بين القصر والإتمام- لزمه الإتمام، ولو شك في أنه هل نوى القصر أم لا لزمه الإتمام، وإن تذكر في الحال أنه نوى القصر نص عليه في "الأم" بخلاف ما لو شك في أصل النِّيَّة ثم تذكر على القرب، حيث تصح صلاته ولا