أحدهما: أنه يتابعه ويسقط عنه الباقي، فعلى هذا لو اشتغل بإتمامها كان متخلفاً بغير عذر.

وأصحهما: وهو الذي ذكره صاحب "التهذيب"، وإبراهيم المروزي: أنه لا يسقط، وعليه أن يتمها، ويسعى خلف الإمام على نظم صلاته ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة، فإن زاد على ثلاثة أركان فوجهان:

أحدهما: أنه يخرج عن متابعته؛ لتعذر الموافقة.

وأظهرهما: أن له أن يدوم على متابعته وعلى هذا فوجهان:

أحدهما: أنه يراعي نظم صلاته، ويجري على إثره، وهو معذور، وبهذا أفتى القفال.

وأظهرهما: أنه يوافقه فيما هو فيه، ثم يقضي ما فاته بعد سلام الإمام، وهذان الوجهان كالقولين في مسألة الزحام.

ومنها أخذ التقدير بثلاثة أركان مقصود، فإنه إنما يَحْصُل القولان في تلك المسألة إذا ركع الإمام في الثانية، وقبل ذلك لا يوافقه، وإنما يكون التخلف قبله بالسَّجْدَتَيْنِ والقِيَام، ولم يعتبر الجُلوس بين السَّجدتين على مذهب من يقول: إنه غير مقصود، ولا يجعل التخلف بغير المقصود مؤثراً، وأما من لا يفرق بين المقصود وغير المقصود أو يفرق ويجعل الجلوس مقصوداً؛ لأنه ركن طويل، وهو المرضي عند صاحب الكتاب، والقياس على أصله، التقدير بأربعة أركان أخذاً من مسألة الزِّحَامِ.

ولو اشتغل المأموم بدعاء الاستفتاح، ولم يتم الفاتحة لذلك، وركع الإمام فيتم الفاتحة كما في بطيء القراءة، وهو معذور في التخلف، ذكره في "التهذيب"، وكل هذا في المأموم الموافق، فأما المسبوق إذا أدرك الإمام في القيام، وخاف ركوعه فينبغي أن لا يقرأ دعاء الاستفتاح؛ بل يبادر إلى قراءة الفاتحة، فإن الاهتمام بشأن الفرض أولى، ثم إن ركع الإمام في أثناء الفاتحة ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يسقط عنه ما بقي من الفاتحة، ويركع معه.

والثاني: أن يتم الفاتحة؛ لأنه أدرك القيام الذي هو محلها.

والثالث -وبه قال أبو زيد، وهو الأصح عند القفال والمعتبرين-: بأنه إن لم يقرأ شيئاً من دعاء الاستفتاح يقطع القراءة ويركع معه، ويكون مدركاً للركعة؛ لأنه لم يدرك إلا ما يقرأ فيه بعض الفاتحة، فلا يلزمه فوق ذلك كما إنه إذا لم يدرك شيئاً من القيام لا يلزمه شيء من الفاتحة، وإن قرأ شيئاً من دعاء الاستفتاح لزمه بقدره من الفاتحة لتقصيره بالعدول من الفريضة إلى غيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015