قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكرنا الفَرْعَ مُصَوَّراً فيما إذا أَوْلَدَ الشَّرِيكَانِ مُكَاتَبَتَهُمَا، والقِنَّةُ في معناها، فإذا أَتَتِ الجَارِيَةُ المشتركة من كل وَاحِدٍ من الشريكين بِوَلَدٍ، ثم اختلفا، وهما مُوسِرَانِ، فقال كل واحد منهما: أنا أَوْلَدْتُهَا وَلَدِي هذا أوَّلاً، وهي مُسْتَوْلَدَتِي، تَفْرِيعاً على أن السِّرَايَةَ لا تَتَوَقَّفُ على أَدَاءِ القيمة، فالجَارَيةُ مُسْتَوْلَدَة باتفاقهما لكن ليس أحدهما بالتَّصْدِيقِ بِأَوْلَى من الآخَرِ، والقولان مجملان، فإن الفرص فيما إذا تَقَارَبَ الوَلَدَانِ في السِّنِّ، فَيُؤْخَذَانِ مَعَاً بالاتِّفَاقِ عليهما وإذا مات أَحَدُهُمَا عُتِقَ نِصْفُهَا مُؤَاخَذَةً للآخر بِإِقْرَارِهِ وإذا مَاتَا عُتِقَ كلها، والوَلاَءُ مَوْقُوفٌ بين عَصَبَتِهِمَا.
ولو كانا مُعْسِرَيْنِ، فهي مُسْتَوْلَدَتُهُمَا، وإذا مات، فالوَلاَءُ بين العَصَبَتَيْنِ بالسوية.
وفيه ما سبق أن الربيع رَوَاهُ، وأن الأَصْحَابَ -رحمهم الله- غَلَّطُوهُ أَوْ أوَّلُوهُ.
إذا اسْتَوْلَدَ المُرْتَدُّ أَمَتَهُ، صارت مستولدة (?) إن قلنا ببقاء مِلْكِهِ، وإن قلنا بزواله، لم يَثْبُتِ الاسْتِيلاَدُ في الحال، فإن أَسْلَمَ فعلى القَوْلَيْنِ فيما إذا اسْتَوْلَدَ جَارَيةَ الغَيْرِ بالشُّبْهَةِ، ثم ملكها، كان تَوَقَّفْنَا في المِلْكِ تَوَقَّفْنَا في الاسْتِيلاَدِ أيضاً.
إذا أسلمت مُسْتَوْلَدَةُ الكَافِرِ، أو استولد جَارِيَتَهُ بعدما أسْلَمَتْ، فقد ذكرنا في "البَيْعِ" أنه لا سَبِيلَ إلى بَيْعِهَا، وأنه لا يُجْبَرُ على إعتاقها على (?) الأصح، لكن يُحَالُ بينهما، وتجعل عند امْرَأةٍ ثِقَةٍ، وكَسْبُهَا له، ونَفَقَتُهَا عليه، فإن أسلم رُفِعَتْ الحَيْلُولَة، وإن مات عُتِقَتْ وعن مالك: أنها تُعْتَقُ بِإسْلاَمِهَا.
وقال أبو حَنِيْفَةَ: تَسْتَسْعِي بِقَدْرِ قيمتها، فإذا أَدَّتْ عُتِقتْ. وهل للكافر تَزْوِيجهَا؟
إذا جَوَّزْنَا تَزْوِيجَ المُسْتَوْلَدَة؛ فيه وجهان، حكاهما الصَّيْدَلاَنِيّ -رحمه الله-:
أحدهما: وهو الذي أَجَابَ به القَفَّالُ -رحمه الله-: لا؛ لانْقِطَاعِ المُوَالاَةِ باختلاف الدَّيْنِ.
والثاني: نعم؛ بِنَاءً على أنه تَصَرُّفٌ بالمِلْكِ.
وذكر على الوجه الأَوَّلِ أن القَاضِي لا يُزوِّجُهَا أيضاً.
وعن أبي إِسْحَاقَ: أن الحَاكِمَ يُزوِّجُهَا إذا أَرَادَتْهُ، ويكون المَهْرُ له. وكذلك يُزَوِّجُهَا الحَاكِمُ إذا اختار السَّيِّدُ تَزْوِيجَهَا، وكَرِهَتْ هي، وتصير النَّفَقَةُ على الزوج.
وعنه أيضاً: أنها أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الوَلَدِ ما لم تَتَزوَّجْ، فإذا تَزَوَّجَتْ صار الأَبُ أَحَقَّ