عن يسارها، ورجل يحاذيها من خلفها، ولو كان خلف صف النساء صلت الرجال أو صفوف بطلت صلاتهم إلا إذا كان صفهم أطول من صف النساء، فيصح صلاة الخارجين عن محاذاة النِّسَاء، وتصح صلاة الصفوف الأخر خلف ذلك الصف الطويل، وساعدنا في صلاة الجنازة أنه قال: لا تبطل صلاة أحد، ولا يخفى عليك بعد التفصيل الذي ذكرناه في أداب الموقف أن قوله في الكتاب: (ثم إن أمّ باثنين اصطفا خلفه، وإن أمّ بواحد، وقف على يمينه) يعني به من الذكور، وإلا فقد يختلف الحكم.

واعلم أن التفصيل المذكور في أدب وقوف الرجال مفروض فيما إذا لم يكونوا عراة، فأما العراة: فيقفون صفاً واحداً، ويقف إمامهم وسطهم، وسببه ظاهر.

المسألة الثانية: إذا دخل رجل والقوم في الصلاة فيكره أن يقف منفرداً خلف الصف، بل إن وجد فرجة (?) أو سعة (?) في الصف دخل الصف، وله أن يخرق الصف الآخر إن لم يجد فرجة فيه ووجدها في صف قبله؛ لأنهم قصروا حيث لم يتموه، ولو لم يجد فرجة أو سعة في الصف فماذا (?) يفعل؟ حكي عن نصه في "البويطي" أنه يقف منفرداً، ولا يجذب إلى نفسه أحداً، لأنه لو جذب واحداً إلى نفسه لفوت عليه فضيلة الصف الأول، ولأوقع الخلل في الصف، وبهذا قال القاضي أبو الطيب، ونقله في "البيان" عن مالك -رضي الله عنه-.

وقال أكثر الأصحاب: إنه يجر إلى نفسه واحداً؛ لما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل صلى خلف الصف: "أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلاَّ دَخَلْتَي الصَّفِّ، أَوْ جَرَرْتَ رَجُلاً مِنَ الصَّفِّ فَيُصَلِّي مَعَكَ، أعِدْ صَلاتَكَ" (?) قالوا: إنما يجره بعد أن يتحرم بالصلاة، ويستحب للمجرور أن يساعده، وذلك مما يدل على أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، والمذكور في الكتاب هذا الذي قاله الأكثرون، فإنه قال يدخل الصف، أو يجر إلى نفسه واحداً، وليكن قوله: (أو يجر) معلماً بالميم والواو لما ذكرناه، وعلى كل حال فلو وقف منفرداً، وصلى صحت صلاته خلافاً لأحمد -رضي الله عنه- لظاهر الخبر الذي نقلناه، ونحن حملناه على الاستحباب: "لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ دَخَلَ، وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015