والرابعة: في جِنْسِهِ.
والإِيتَاءُ بِالحَطِّ لا يكون إلاَّ من عَيْنِ مَالِ الكتابة.
وأما البَذْلُ؛ فإن كان المَبْذُولُ من جنْسِ مال الكتابة كَبَذْلِ الدَّرَاهِم عن الدنانير، فلا يُلْزَمُ المُكَاتَبُ قَبُولَهُ؛ لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] يريد مَالَ الكتابة.
قال الإمَامُ: ووجدت في كَلاَمِ بَعْضِ الأئمة -رحمهم الله- مَا يَدُلُّ على أن غير الجنس مجزئ.
وقوله في الكتاب: "ففيه وجه: أنه لا يجوز تَعَبُّداً كما في الزكاة"، يشير إلى ترجيح الجَوَازِ. وقد صرح به في "الوسيط".
والظاهر الذي أَوْرَدَهُ الأكثرون: المَنْعُ.
والمقصود من الجَوَازِ وعدمه أنه هل يُجْبَرُ المُكَاتَبُ على قَبُولهِ أو لا يجبر؟ فأما إذا رَضِيَ المُكَاتَبُ بغير الجِنْسِ، فيجوز لا مَحَالَةَ، نص عليه. فإن الكِتَابَةَ من قبيل المُعَامَلاَتِ، فلا [يُنْحَى] (?) بها على نَحْو العبادات، على أن الإِمام قال: إذا منعنا نقل الصَّدَقَة [وانحصر] (?) المُسْتَحِقُّونَ، فقد نقول لهم: أن يَعْتَاضُوا عُرُوضاً عن حقوقهم.
ولو كان المَبْذُولُ من غَيْرِ مال الكتابة، ولكن من جِنْسِهِ، فهل عليه القَبُولِ؟
فيه وجهان:
أحدهما: لا؟ لظاهر الآية.
والأظهر -وهو المَذْكُورُ في الكتاب-: نعم؛ كما في الزَّكَاةِ، ولأن المَقْصُودَ الإِعَانَةُ، وهي حاصلة.
وفي الفصل وَرَاءَ ما أَورَدنَاهُ فَرْعَانِ:
أحدهما: إذا مات السَّيِّدُ بعد أَخْذِ النجوم، وقبل الإِيتَاءِ, فعلى الوَرَثَةِ الإِيتَاءُ, فإن كانوا صِغَارَاً تَولاَّهُ الذي يلي أَمْرَهُمْ، ثم لا يخلو إما أن يَكون مَالُ الكتابة أو بَعْضُهُ باقياً [بحاله] (?) أو لم يكن إن كان باقياً، فيؤخذ القَدْرُ الوَاجِبُ منه، ولا يزاحم المُكَاتَبُ فيه أَرْبَابَ الديون، ولا أَرْبَابَ الوصايا، [لأن حقه] (?) في عَيْنِهِ، أو هو كالمرهون بحقه هكذا ذكره القَفَّالُ، وحكاه القاضي ابن كَجٍّ عن نصه -رضي الله عنه- في "المبسوط".