أحدهما: أنه يحكم بالحرية مُؤَاخَذة له بِإِقرَارِهِ.
وأصحهما -وقد نص عليه-: أنه لا يُؤَاخَذُ به، ويحمل قوله على ظَاهِرِ الحال؛ وهو صِحَّةُ الأَدَاءِ.
والوجهان كالوجْهَيْنِ فيما إذا خرج المبيع مُسْتَحَقًا، وكان قد قال في مُخَاصَمَةِ المدعي: إنه كان مِلْكاً لفلان إلى أن ابتعته منه أنه: هل يرجع بالثمن على بائعه؟
واقتصر صاحب "التهذيب" علىَ إِيرَادِ الوَجْهِ الأَصَحِّ في المسألتين، ثم قال: ولو [اختلفا] (?) فقال المُكَاتَبُ: أعتقتني بقولك: أنت حُرٌّ، وقال السيد: أردت أنك حُرٌّ بما أَدَّيْتَ، وبَانَ أنه لم يَصِحَّ الأَدَاءُ، فالقول قَوْلُ السيد مع يَمِينِهِ.
وهذا السِّيَاقُ يَدُلُّ على أن مُطْلَقَ كَلاَمِ السيد مَحْمُولٌ على أنه حُرٌّ بما أدى؛ وإن لم يخبر عن (?) إرادته. وذكر الصَّيدلاَنِيُّ أن قِيَاسَ تَصْدِيقِ السيد في المسألة أنه لو قيل لرجل: طلقت امرأتك؟ فقال: نعم طَلَّقْتُهَا. ثم قال: إنما قلت ذلك على ظَنِّ أن اللَّفْظَ الذي جرى بيننا طَلاَقُهُ، ثم راجعت المفتيين فقالوا لا يَقَعُ بها شَيْءٌ، وقالت المَرْأَةُ: بل أردت إنشاء الطَّلاَقِ. والإقرار بِطَلاَقٍ آخر أنه يقبل قوله مع يَمِينِهِ.
وكذا الحُكْمُ في مثله في العِتْقِ، وهذا قد ذَكَرَهُ غيره، ونقله القاضي الرُّوَيانِيُّ، ولم يعترض عليه. ولكن قال الإِمَامُ: هذا عندي وَهْمٌ وغَلَطٌ، فإن الإِقْرَارَ جرى بصريح الطَّلاَقِ، فَقَبُولُ قوله بِنَاءً على ما يَدَّعِيهِ، ويتعارض فيه صِدْقُهُ، وكذبه مُحَالٌ، ولو فتح هذا البَابَ لما استَقَرَّ إقْرَارُ المقر به، وليس ذلك كإطلاق لفظ الحرية على أنه قَبَضَ النجوم، فإنه مَحْمُولٌ على الإِخْبَارِ عما يقتضيه القَبْضُ.
وفي مسألة الطَّلاَقِ لم توجد الإِشَارَة إلى واقعة، وإنما وجد سؤال مطلق، وجواب مُطْلَق (?).