وقال أكثر الأصحاب: يجوز قولاً واحداً؛ لأن رعاية القرب والبعد من غير جهة الإمام مما يشق، وبهذا قال أبو حنيفة، ولو وقف الإمام والمأموم داخل الكعبة، فهذه المسألة هي التي [أوردها] (?) في آخر الفصل، وحكمها أنه يجوز الاقتداء فيها، مع اتحاد جهة الإمام والمأموم، ومع اختلاف الجهتين، فَإِنَّ الكُلَّ قِبلةٌ، ثم إن اتحدت الجهة وَوَلَّى المأمُوم ظهره وجهَ الإمام، عاد القولان؛ لأنه أقرب إلى الجدار الذي توجها إليه، وإن اختلفت الجهة وكان المأموم أقرب إلى الجدار الذي توجه إليه من الإمام إلى ما توجه إليه، وفرعنا على الجديد فوجهان:

[أحدهما] (?): أنه لا يجوز، كما لو اتحدت الجهة وكان أقرب.

وأظهرهما: أنه يجوز؛ لأن اختلاف الجهة أعظم من تفاوت المسافة، فإذا احتملنا ذلك، فلا يبقى معه معنى النظر إلى القرب والبعد.

وقوله: (فإن كان المأمومُ أقربَ إلى الجدار في جهته من الإمام) ففيه وجه: أنه يصح ما يشعر بترجيح الوجه الثاني؛ لأنه بين أنه لا بأس بتقابل الإمام والمأموم، وهذا مُطْلَق يتناول ما إذا كان المأموم أقْرَبُ إلى الجدار، وما إذا لم يكن، ثم بين أن للأصحاب وجهاً آخر في الحالة الأولى لك أن تقرأه على وجه آخر، فتقول: وإن كان المأموم أقرب وتعلقه بقوله: (فلا بأس) ثم تقول وفيه وجه أنه لا يصح.

ولو وقف الإمام في الكعبة والمأموم خارجاً يجوز، وله التوجه إلى أي جهة شاء، ولو وقفا بالعكس جاز أيضاً، لكن لو توجه إلى الجهة التي توجه إليها الإمام عاد القولان؛ لأنه حينئذ يكون سابقاً على الإمام، ثم الفصل يشتمل على مسألتين سوى ما ذكرنا:

إحداهما: لو لم يحضر مع الإمام إلا ذكر، فإن كان واحداً وقف على يمين الإمام، بالغاً كان أو صبياً، ولو وقف على يساره أو خلفه لم تبطل صلاته. ووَقَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَدَارَه إِلَى يَمِينِهِ" (?).

فإن جاء مأموم آخر، على يساره وأحرم، ثم إن أمكن تَقَدُّم الإمام وتأخر المأمومين لسعة المكان من الجانبين تقدم أو تأخر أو أيهما أولى؟ فيه وجهان:

أحدهما: وبه قال القفال-: أن تقدمه أولى-؛ لأنه يبصر ما بين يديه، فيعرف كيف يتقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015