بين السَّيِّدِ وعَبْدِهِ، وأن العِوَضَيْن للسيد، وأن المُكَاتَبَ على رُتْبَةٍ متوسطة بين الرِّقِّ والحرية، فليس له اسْتِقْلَالُ الأَحْرَارِ، ولا عَجْزُ المماليك، ولذلك تكون تَصَرُّفَاتُهُ مُتَرَدِّدَةً بين الاسْتِقْلَالِ ونَقِيضِهِ، ولكن الحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إليها، فإن السيد قد لا تسمح نَفْسُهُ بالعِتْقِ مَجَّاناً والعبد [قد يستمر] (?) لِلْكَسْبِ استمراره إذا علق عتقه بالتحصيل والأداء، فاحتمل الشَّرْع فِيه ما لم يحتمل في غيره، كما احتمل [الجُعَالة] (?) في رِبْحِ القِرَاصِ، وعمل الجُعَالَةِ.
والأصل فيه الإِجْمَاعُ. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وما روي من أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أَعَانَ غَارِماً أَوْ غَازِياً أَوْ مُكَاتَباً في كِتَابَتِهِ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ" (?).
وأنه قال: "المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ".
ولا يجب على السيد أن يكاتب عبده بحال، كما لا يجب أن يدبر عبده وأن يشتري قريبه وعن رواية صَاحِب "التقريب" قول: إن الكِتَابَةَ وَاجِبَةٌ إن طلبها العبد؛ لقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] والمذهب الأَوَّلُ، وإلاَّ بَطَلَ أَثَرُ المِلْكِ، واحتكم المَمَالِيك على المالكين نعم تُسْتَحَبُّ الإجابة إذا طَلَبَهَا العَبْدُ إذا كان أَمِيناً قادراً على الكَسْبِ، وبهما فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- "الخير" في قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33].
واعتبرت القُدْرَةُ على الكَسْبِ لِيتمكن من تَحْصِيلِ ما يؤديه، والأَمَانَة، لئلا يضيع ما يحصله ويصرفه إلى السيد فَيُعْتَقُ، فإن فُقِدَ الشرطان معاً لم تُسْتَحَبَّ الكتابة؛ لأنه يقوى رجاء العِتْقِ بها، وقد يجزم بالاستقلال أولاً (?) ويعجز نفسه آخراً، ولكنها لا تُكْرَهُ فَعَسَاهَا تُفْضِي إلى العِتْقِ.
وقال أحمد: تُكْرَهُ، وبه قال أبو الحُسَيْنِ بْنُ القَطَّانِ (?).
وإن فُقِدَتِ الأَمَانَةُ، وقدر على الكَسْبِ لم تسْتَحَبَّ أيضاً؛ لأنه لا يوثق به.
وِفي "الكافي" للروياني وجه: أنها تُسْتَحَبُّ، ولكن الاسْتِحْبَابَ هاهنا دون