كِتَابُ التَّدْبِيرِ

أركانه

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ وَأَحْكَامِهِ أَمَّا الأَرْكَانُ فَهُوَ اللَّفْظُ وَالأَهْلُ أَمَّا اللَّفْظُ فَصَرِيحُهُ قَولُهُ: دَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعدَ مَوْتِي، وَقِيلَ: إِنَّ لَفْظَ التَّدْبِيرِ كِنَايَةٌ، وَالتَّدْبِيرُ المُقَيَّدُ كَالمُطْلَقِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ قُتِلْتُ أَوْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوتِهِ بِيَوْمٍ وَلاَ يُحْتَاجُ إلَى الإِنْشَاءِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ مُدبَّرٌ فَلاَ يَصِيرُ مُدبَّراً مَا لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ، وَلَوْ قَالَ شَرِيكَانِ: إِذَا مِتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَلاَ يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَمُوتَ الآخَرُ لَكِنْ لَيْسَ لِلوَارِثِ بَيْعُهُ حَتَّى يَمُوتَ الشَّرِيكُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ قَبلَ الدُّخُولِ فَلَيْسَ لِلوَارِثِ إِبْطَالُ تَعْلِيقِ المَيِّتِ كَمَا لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ عَارَيتِهِ المُضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَ المَوْتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ عن جَابِرٍ -رضي الله عنه- أن رَجُلاً دَبَّرَ غُلاَماً له لَيْسَ له مَالٌ غَيْرُهُ -فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ " فاشتراه نعيم بْنُ النَّحَّامِ (?).

التَّدْبيرُ: تعليق العِتْقِ بِدَبْرِ الحَيَاةِ، ومن لفظه: الدُّبُرُ، سُمِّيَ تَدْبِيراً. وقيل: سُمِّيَ تدبيراً؛ لأنَه دَبَّرَ أَمْرَ دُنْيَاهُ باسْتِخدَامِهِ واسْتِرْقَاقِهِ وأَمْرَ آخِرَتِهِ بِإعْتَاقِهِ، وهذا مَرْدُودٌ إلى الأول أيضاً؛ لأن التدبير في الأَمْرِ مأخوذ من لفظ الدُّبُرِ أيضاً؛ لأنه نظرٌ في عَوَاقِبِ الأمر وأَدْبَارِهِ وفي الكتاب نَظَران:

أحدهما: في أركان التَّدْبِيرِ.

والثاني: في أحكامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015