قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَةً حَامِلاً مِنْ مُعْتق فَوَلاءُ الجَنِين لَهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، لاَ لِمُعْتِقِ الأَبِ لكِنْ ذَلِكَ إِذَا أتتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ إِعْتَاقِ الأَمِّ، فَإِنْ كَانَ لأَكَثَرَ وَالزَّوْجُ يَفْتَرِشُهَا فَالوَلاَءُ لِمَوْلَى الأَبِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَفْتَرِشُهَا وَهُوَ لِأَقَلَّ مِنْ أَربَعِ سنِينَ فَقَوْلاَنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أعتق جاريته، وهي في نكاح معتق فأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم الإعتاق [فولاء الجنين] لمعتق الجارية، لا لمعتق أبيه لأنَّا تيقنا وجوده يوم الإعتاق، فمعتقه بَاشَرَ إعتاقه لإعتاقها وولاء المباشرة مقدم على ما مر، وإن أتت به لستة أشهر فصاعداً فإن كان الزوج يفترشها فولاؤه لمعتق الأب؛ لأنا لا نعلم وجوده يوم الإعتاق والأصل عدمه، والافتراش سبب ظاهر للحدوث بعده. وإن كان لا يفترشها وأتت به لأربع سنين من وقت الإعتاق؛ فكذلك وإن أتت به لِأَقَلَّ من أربع سنين فقولان؛ لأن ثبوت النسب يدل على تقدير وجوده حينئذ، ولكن النسب يكفي فيه الإمكان، وقد لا يكتفي (?) في الولاية وتثبت المسألة في أحوالها على ما إذا أوصى يحمل فلانة، وقد ذكرناه في "الوصية" وبينا أن الأظهر في صورة الخلاف، أنه يستحق الوصية فعلى قياسه يكون الولاء لمعتق الأم دون معتق الأب.
ولو أعتق جاريته، وهي في نكاح رقيق فأنت بولد لما دون ستة أشهر من يوم الإعتاق فولاؤه لمعتق الأم بالمباشرة، وإذا أعتق (?) الأب لم يَنْجَرّ الولاء إلى معتقه، وإن أتت به لستة أشهر فصاعداً.
قال في "التَّهْذِيبِ": إن لم يفارقها الزوج، فولاؤه لمولى الأم، فإذا أعتق الأب ينجر الولاء إلى معتقه؛ لأنا لم نتحقق وجوده يوم إعتاق الأم وإن كان الزوج قد فارقها، فإن أتَتْ به لأكثر من أربع سنين من يوم الفراق، فالولد مَنْفِيٌّ عن الزوج، وولاؤه لمعتق الأم أبداً، وإن أتت به لأقل من أربع سنين، فالولد مُلْحَقٌ بالزوج، وولاؤه لمعتق الأم فإذا أعتق (?) الأب ففي انْجِرَارِ الولاء إلى معتقه قولان:
أحدهما: لا يَنْجَرُّ؛ لأنا جعلناه موجوداً يوم الإعتاق؛ لثبوت النسب من الزوج فيكون عتقه بالمباشرة.
والثاني: يَنْجَرُّ ونجعله حادثاً بعد عتق الأم، ويخالف النسب فإنا نثبته بمجرد الإمكان. ولو نفى الزوج المعتق ولد زوجته المعتقة باللعان؛ لم يحكم بأن ولاء الولد لموالي الأب، ويكون في الظاهر لموالي الأم، فإن كذب الملاعن نفسه لحقه الولد،