وقوله في الكتاب: (وجب القضاء على أظهر القولين) ليس المراد منه استفتاح الوجوب، وإنما المراد استمراره على ما بَيَّنَّا، ويجري القولان فيما لو اقتدى خُنْثَى بامرأة، ولم يَقْضِ الصلاة حتى بَانَ كونُه امرْأة، وفيما إذا اقتدى خنثى بخنثى، ولم يقض المأموم حق بَانَا رجلين أو امرأتين، أو بَانَ كون الإمام رجلاً (?) أو كون المأموم امرأة، وذكر الأئمة لهذه الصور نظائر.

منها: لو باع مال أبيه على ظن أنه حي، فبَانَ أنه كان ميتاً، ففي صحة البيع قولان (?).

ومنها: لو وكل وكيلاً بشراء شيء، وباع ذلك الشيء من إنسان على ظن أنه ما اشتراه وكيله بعد، وكان قد اشتراه ففي صحة البيع قولان.

ومن مسائل الفصل: ما لو اقتدى برجل ظنه متطهراً، ثم بَانَ بعد ما صلى أنه كان جنبًا، أو محدثاً، فلا قضاء عليه خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: يجب، ولمالك وأحمد حيث قالا: إن كان الإمام عالماً بحدثه وأَمَّ مع ذلك وجب على المأموم القضاء، وإن لم يكن عالماً لم يجب، وحكى صاحب "التلخيص" مثل ذلك قولاً للشافعي -رضي الله عنه- منصوصاً.

لنا: ما رويِ أنه -صلى الله عليه وسلم-: "دَخَلَ فِي صَلاَتِهِ، وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ كَمَا أنْتُمُ، ثُمَّ خَرَجَ، واغْتَسَلَ، وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُر مَاءٌ" (?) وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ.

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا صَلَّى الإمَامُ بِقَوْمٍ، وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَيُعِيدُ هُوَ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015