الفَصْلُ الثَّانِي فِي صِفَاتِ الأَئِمَّةِ

قال الغزالي: وَكُلُّ مَنْ لاَ تَصِحُّ صَلاتُهُ صِحَّةً تُغْنِيهِ عَنِ القَضَاءِ فَلا يَصِحُّ الاقْتِدَاءُ بِهِ، وَمَنْ صَحَّتْ صَلاتُهُ صَحَّ الاقْتِدَاءُ بِهِ، إِلاَّ اقْتِدَاءَ القَارِيءِ بِالأُمِّيَ عَلَى القَوْلِ الجَدِيدِ، وَمَنْ لاَ يُحْسِنْ حَرفاً مِنَ الفَاتِحَةِ، وَالمَأْمُومُ يُحْسِنُهُ فَهُوَ أُمِّي فِي حَقِّهِ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الأُمِّيِّ بمِثْلِهِ، وَلاَ يصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمَرأَةِ وَلاَ بِالخُنْثَى وَلاَ اقْتِدَاءُ الخُنْثَى بِالْخُنْثَى، وَيصِحُّ اقْتِدَاء المَرْأَةِ بِالْخُنْثَى وَبِالرَّجُلِ.

القول في صفة الأئمة:

قال الرافعي: صفات الأئمة ضربان: مشروطة، ومحبوبة، وقد ضمن الفصل ما أراد إيراده.

فأما المشروطة فنأتي منها بما ذكره في الكتاب، وما أهمله في تقسيم نرسمه، ونقول: الإنسان لا يخلو إما أن لا تكون صلاته صحيحة عنده، وعند المأموم معاً، وإما أن تكون صحيحة.

القسم الأول: أن لا تكون صحيحة عندهما معاً فينظر إن توافق اعتقاد الإمام والمأموم على أنه لا صحة لها، ولا اعتبار كصلاة من به حدث أو جنابة، وصلاة من بثوبه نجاسة ونحو ذلك، فلا يجوز لمن علم حاله الاقتداء به؛ لأنه ليس من أهل الصَّلاَةِ، وكذلك الكافر لا يجوز الاقتداء به، وإذا صلى الكافر لم يجعل بذلك مسلماً خلافاً لأبي حنيفة، حيث جعله مسلماً بذلك في بعض الأحوال، ولأحمد حيث جعله مسلماً بكل حال، وعن القاضي أبي الطيب: أنه إذا صلى الحربي في دار الحرب حكم بإسلامه، ويحكى ذلك عن نص الشافعي -رضي الله عنه-، والمذهب المشهور هو الأول، ثم إذا لم تسمع منه كلمتا الشهادة، فإن سمعتا منه في التشهد، ففي الحكم بإسلامه ما قدمنا فيما إذا أذن (?)، وإن كانت صحيحة في اعتقاد الإمام دون المأموم، أو بالعكس فهذا يفرض على وجهين:

أحدهما: أن يكون ذلك لاختلافهما في الفروع الاجتهادية كما إذا مس الحنفي فرجه وصلى ولم يتوضأ، أو ترك الاعتدال في الركوع والسجود، أو قرأ غير الفاتحة في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015