وعند أبي حنيفة: يعيد الظهر والعشاء، ولا يعيد الصبح والعصر والمغرب، وذكر في "النهاية" أن شيخه حكى مثل ذلك وجهاً لبعض أصحابنا.

ووجهه: أن الصبح والعصر يستعقبان الوقت المكروه، فلا يصلي بعدهما، والمغرب وتر النهار، فلو أعيدت لصارت شفعاً، ونقل العراقيون وجهً أنه يعيد ما سوى الصبح والعصر، وظاهر المذهب الأول والوجهان ضعيفان، وعند مالك يعيد كلها إلا المغرب، وبه قال أَحْمَدُ وفي رواية يعيد المغرب أيضاً، لكن إذا سلَّم الإمام قام إلى ركعة أخرى فجعلها شَفْعاً، وإذا وقفت على ما ذكرناه علمت أنه لم أعلم قوله: (يستحب له إعادتها) بالحاء والميم والألف والواو، ولو صلى إحدى الخمس في جماعة، ثم أدرك جماعة أخرى، فهل يعيدها معهم؟ فيه وجوه:

أصحها: عند عامة الأصحاب أنه يعيد كما لو كان منفرداً؛ لإطلاق الخبر.

والثاني: وهو الأصح عند الصَّيْدَلاني، وبه قال المصنف في "الوسيط": أنه لا يستحب الإعادة؛ لأن فضيلة الجماعة حَصَلَتْ، فلا معنى للإعادة بخلاف المنفرد.

قال الصَّيْدَلاَنِيُّ: وعلى هذا يكره إعادة الصُّبْحِ والعصر، دون غيرهما؛ لأنهما وقتا كراهة، والصلاة المعادة تَطَوُّعٌ مَحْضٌ، على هذا الوجه قال، وعلى هذا فلو أعاد المغرب فينبغي أن يضم إليها ركعة أخرى، لأن ما أتى به تطوع محض، فليكن شفعاً، واعلم أن المعاد إن كان تطوعاً محضاً، فقياس المذهب أن تمتنع الإعادة بنية المغرب، وسائر الوظائف الخمس، ولو فعل يكون صحة التطوع على الخلاف المذكور في التطوع بنية الظهر قبل الزّوال.

والوجه الثالث: أنه إن كان في الجماعة الثانية زيادة فضيلة لكون الإمام أعلم أو وأورع، أو لكون الجمع أكثر، أو لكون المكان أفضل، فيستحب الإعادة، وإلا فلا.

والرابع: أنه يستحب إعادة الظهر والمغرب والعشاء، ولا يستحب إعادة الصبح والعصر، وقد سبق في المنفرد مثله، ثم إذا استحببنا الإعادة في هذه المسألة وفيما إذا صلى منفرداً فأعاد، فالفرض منهما ماذا؟ فيه قولان:

الجديد- وبه قال أَبُو حَنِيفَة (7) وَأَحْمَدُ: أن الفريضة هي الأولى لما سبق من الحديث.

والقديم: أن الفريضة أحدهما لا بعينها، والله تعالى يحتسب بما شاء منهما، وربما قيل: يحتسب بأكملهما، ويروى هذا القول عن "الإملاء"، وبه قَالَ مَالِكٌ.

ووجه، بأنه لو كانت الثانية نفلاً على التعيين لما ندب إلى إقامتها بالجماعة، والذي ذكره في الكتاب هذا القول القديم، لكن الأكثرين قالوا بأن المذهب الجديد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015