أو يقول: لا أَعْلَمُ له مُزِيلاً، ويجوز أن يَشْهَدَ بالمِلْكِ في الحال؛ اسْتِصْحَاباً [لحكم ما] (?) عرفه من قبل، كشراء، وإرْثٍ، وغيرهما (?)؛ لأن كان يَجُوزُ له زَوَالُهُ، ولو صرح في شهادته: أنَّه يَعْتَمِدُ الاسْتِصْحَابَ فوجهان.
حكى في "الوسيط" عن الأصحاب: أنَّه لا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاع على امْتِصَاصِ الثَّدْي، وحَرَكَةِ الحُلْقُومِ. وعن القاضي الحسين: القَبُولُ؛ لأنا نَعْلَمُ أنَّه لا مستند له سواه، بخلاف الرَّضَاعِ، فإنه يُدْرَكُ بِقَرَائِنَ لا تدخل في العبارة.
ولو قال: لا أَدْرِي، أزال مِلْكَهُ أم لا؟ لم تُقْبَلُ؛ لأن هذه صِيغَةُ المُرْتَابينَ، وهي بَعِيدَةٌ عن أَدَاءِ الشَّهَادَةِ. ولو شهدت البَيِّنَةُ على أنَّه أَقَرَّ أَمْسِ للمدعى بالمِلْكَ، قُبِلَتِ الشهادة، واسْتُدِيمَ حُكْمُ الإقْرَارِ، وإن لم يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بالمِلْكِ في الحال.
ومما علق عن الإِمام أن منهم من طَرَدَ القَوْلَيْنِ فيه.
والظاهر الأول، وَلَوْلاَهُ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الأَقَارِيرِ.
ولو قال المدعى عليه: كان ملكك (?) بالأَمْسِ. فوجهان:
أحدهما: أنَّه لا يُؤَاخَذُ به، ولا يُنْتَزَعُ المَالُ من يَدِهِ، كما لو قامت البَيِّنَةُ على أنَّه كان مَلَكَهُ أَمْسِ.
وأظهرهما: الانْتِزَاعُ كما لو شَهِدَتِ البَيِّنَةُ على أنَّه أَقَرَّ أمس، ويفارق الإِقْرَارُ البَيِّنَةَ من جِهَةِ أن المُقِرَّ لا يُقِرُّ إلا عن تَحْقِيقٍ؛ والشَّاهِدُ قد يَتَسَاهَلُ، ويبني على التَّخْمِينِ.
فإذا لم يَنْضَمَّ إليه الجَزْمُ في الحال، ضعف، حتى لو اسْتَنَدَتِ الشَّهَادَة إلى التَّحْقِيقِ أيضاً، بأن قال الشَّاهِدُ: هو ملكه بالأمس، اشْتَرَاهُ من المُدَّعَى عليه بالأَمْسِ، أو أَقَرَّ له المُدَّعَى عليه بالأَمْسِ، قُبِلَتِ الشهادة. وكذلك نقله صَاحِبُ الكتاب هاهنا.
وفي "الوسيط": ولم يثبت الشَّيْخُ أبو نَضْرِ بنُ الصَّبَّاغ الوجهين فيما إذا قال المُدَّعَى عليه: كان ملكك بالأمس. وحكى القَطْع بأنه يُؤَاخَذُ بِإقْرَارِهِ. وردّ الوجهين إلى ما إذا قال: كان في يَدِكَ أمس. وفَرَّقَ بين المِلْكِ واليد؛ بأن اليَدَ قد تكون مُسْتَحِقَّةً، وقد لا تكون؛ فإذا كانت قَائِمَةً، أخذنا بأن الظَّاهِرَ منها الاسْتِصْحَابُ، فهذا زَالَتْ ضَعُفَتْ