وللترجيح أَسْبَابٌ ثلاثة: ثالثها -اشْتِمَالُ إحدى البَيِّنَتَيْنِ على زَيادَةِ التَّارِيخِ، فيسلك التاريخ مَسْلَكَ المَقْصُودِ من رُكْنِ البَيِّنَةِ إلى آخر الباب في هذا التَّرْتيبِ.
وَفِقْهُ الفصل: أنَّه إذا أَرَّخَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ المِلْكَ بتاريخ، نظر، إن تَوَافَقَ التَّارِيخَانِ، فلا تَرْجِيحَ، وإن اختلفا، كما إذا قَامَتْ بَيِّنَةُ هذا على أنَّه مَلَكَهُ منذ سَنَةٍ، وبَيِّنَةُ هذا على أنَّه مَلَكَهُ منذ سنتين، ففيه طريقان؛ المشهور منهما: أن في تَرْجِيح أَسْبَقِهِمَا تَارِيخاً (?) قولين:
أحدهما: ويُحْكَى عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في البُوَيْطِيِّ: أنَّه لا تَرْجِيحَ؛ لأن مَنَاطَ الشَّهَادَةِ المِلْكُ في الحال. وقد اسْتَوَيا فيه، فَأشْبَهَ ما إذا كَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ، أو مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ.
وثانيهما: ويُحْكَى عن رواية الرَّبِيع -وبه قال أبو حَنِيْفَةَ، واختاره المزني: أنَّه يُرَجَّحُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخاً؛ لأنها تثبت الملكَ في وقت لا تُعَارِضُهَا البَيِّنةُ الأُخْرَى فيه، وفي وقت تَعَارُضِهَا الأخرى يتساقطان في مَحَلِّ التَّعَارُضِ. وتثبت موجبها (?) فيما قبل مَحَلِّ التعارض.
والأصل في الثابت دَوَامُهُ، وأَصَحُّ القولين، الأَوَّلُ عند القاضي ابن كَجٍّ وشِرْذِمَةٍ -رحمهم الله-.
والثاني عند أَكْثَرِهِمْ؛ منهم الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ، وسالكو طريقته، وصَاحِبَا "المُهَذَّب"، و"التهذيب" -رحمهم الله وإِيِّانَا-.
والطريق الثاني: نقل القاضي ابْنُ كَجٍّ عن ابن سُرَيْجٍ، وابن سلمة، وابن الوكيل؛ أَنهم قَطَعُوا بنفي التَّرْجِيحِ، ولم يُثْبِتُوا القَوْلَ الآخر، والمثبتون (?) للخلاف، طَرَدُوه في بَيِّنَتَي شخصين يَتَنَازَعَانِ في نِكَاحِ امرأة، وإذا أُرِّخَتَا بتاريخينِ مُخْتَلِفَيْنِ، وأيضاً فيما إذا