وحكى القاضي أبو سَعْدٍ الهَرَوِيِّ اخْتِلاَفاً للأصحاب في: أنَّه يَجِبُ الحَقُّ بفَرَاغِ المُدَّعِي من اليمين المَرْدُودَةِ، أم لا بد من حكم الحاكم؟ ويمكن أن يُبْنَى هذا على القَوْلَيْنِ، إن جَعَلْنَاهَا كالبَيِّنَةِ. فلا بُدَّ من الحكم، وإن جعلناها كَإِقْرَارِ المُدَّعَى عليه؛ فلا حَاجَةَ إليه. على أن في الإقرار أيضاً خِلاَفاً قد مَرَّ في "أدب القضاء".

[الحالة] (?) الثانية: أن يمتنع (?) عن الحَلِفِ، فيسأله القَاضِي عن سَبَبِ امْتِنَاعِهِ، فإن لم يَتَعَلَّلْ بشيء، أو قال: لا أريدُ أن أَحْلِفَ، فهذا نُكُولٌ، ليسقط حَقَّهُ من اليَمِينِ، وليس له مُطَالَبَةُ الخَصْم وَمُلاَزَمَتُهُ (?)، ثم قَضِيَّةُ قوله في الكتاب: "أن نكوله كَحَلِفَ المدعى عليه"، إلاَّ يَتَمَكَّنَ من اسْتِئْنَافِ الدعوى، وتحليفه في مَجْلِسٍ آخر، كما لو حَلَفَ المُدَّعَى عليه، فلا ينفع بعد ذلك إلا البَيِّنَةُ.

وكذلك ذكره صاحب "التهذيب"، وصَرَّحَ به الإمَامُ، ووجّه بأنا لو لم نَقُلْ بهذا، لرفع (?) خصمه كل يومِ إلى القَاضِي، والخَصْمُ نَاكِلٌ وهو لا يَحْلِفُ اليَمِينَ المَرْدُودَةَ، فيعظم الخَطْبُ، ولا يَتَفرَّغُ القاضي من (?) خُصُومَتِهِ إلى شُغلٍ آخر.

والذي ذكره العِرَاقيُّونَ، والقاضي الروياني أنَّه لو جَدَّدَ الدعوى في مجلس آخر، ونَكَلَ المُدَّعَى عليه ثانياً يُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي، وهذا ما أَوْرَدَهُ القاضي أبو سَعْدٍ الهروي وَلاَ شَكَّ أن الأَوَّلَ أَحْسَنُ، وأَقْوَى، وإن ذَكَرَ المُدَّعِي لامْتِنَاعِهِ سَبَباً، فقال: أريد أن آتِيَ بالبَيِّنَةِ، أو أَسْأَلَ الفُقَهَاءَ، أو أَنْظُرَ في الحِسَابِ، تُرِكَ، ولم يبطل حَقّهُ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015