وقَضِيَّةُ كَلاَم الأكثرين أنَّه وَاجِبٌ، وصَرَّحَ به القاضي الروياني، ونَفَى الخِلاَفَ فيه، واعتمد هؤلاَء في تَحْلِيفِهِ على دَلِيلِ الإِنْبَاتِ، وقالوا: كيف يترك (?) الدليل الظَّاهِرِ بزَعْمٍ مُجَرَّدٍ؟ وإذا حَلَفَ، فإن حلف أُلْحِقَ بَالذَّرَارِي وَحُقِنَ دَمُهُ، وإن نَكَلَ، فالذي حَكَاهُ ابن القَاصِّ عن النَّصِّ: أنَّه يُقتَلُ وَعَدَّهُ في جملة صُوَرٍ، ادَّعَى أنَّه يحكم فيها بالنُّكُولِ على خِلاَفِ المشهور من مَذْهَب الشَّافعي -رضي الله عنه- وقال غيره: ليس هذا حُكْماً بالنُّكُولِ، ولكن قام الدليل عَلى البلوغ، ولم يَظْهَرْ دَافِعٌ، فَأُجْرِيَ عليه حُكْمُهُ.
وفي المسألة وراء (?) المنقول عن النص وجوه:
أحدها: أنَّه يُخَلَّى (?) ولا يقضى عليه بالقَتْلِ.
والثاني: أنَّه يُحْبَسُ حتى يَحْلِفَ، أو يقر.
والثالث: وهو المذكور في الكتاب: أنَّه يُحْبَسُ إلى تَحَقُّقِ بُلُوغِهِ، ثم يحلف على ما ادَّعَاهُ من الاسْتِعْجَالِ، فإن لم يحلف فيقتل وهذا يحترز (?) من تحليف من يدعي أنَّه صَبِيٌّ. واعلم أَنَّ صُورَةَ دَعْوَى الاسْتِنْبَاتِ بالعِلاجَ، قد جرى لها ذِكْرٌ في باب السّير، إلا أن المذكور هناك: أنَّه إذا حَلَفَ، يُصَدَّقُ. والمذَكور هاهنا الطَّرَفُ الآخَرُ، وهو أنَّه إذا نَكَلَ، ماذا يفعل؟
الخامسة: ادَّعَى مُدَّعٍ دَيْناً على مَيِّتٍ، أو ادَّعَى أنَّه أوْصَى له بِشَىْءٍ، وللميت وَصِيٌّ في قَضَاءِ الدُّيُونِ، وتَنْفِيذِ الوَصَايَا، فأنكر، نُظِرَ، إن كان للمدعي بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها، وإن لم يكن له بَيِّنَةٌ، وأراد تَحْلِيفَ الخَصْمِ على نَفْي العلم بذلك، لم يمكن (?) لأن مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ، أن يُصَدَّقَ الخَصْمُ، فيقر إن كان المدعي مُحِقاً.
والوصي لا يُقْبَلُ إقراره بالدَّيْنِ، والوَصِيَّةِ، فلا معنى لِتَحْلِيفِهِ (?).
نعم، لو كان وَارِثاً فحلف (?) بحقِّ الوِرَاثَةِ، وقَيِّمُ القاضي في ذلك كالوَصِيِّ، ومن عليه حق إذا طالبه به مُطَالِبٌ، وزَعَمَ أنَّه وَكِيلُ صَاحِبِ الحق، ولم يأت بِبَيِّنَةٍ وأراد