المسألة الثانية: يجري التَّغْلِيظُ في دَعْوَى الدَّم، والنِّكَاحِ، والطَّلاَقِ، والرجعة، والإِيلاَءِ، واللّعَانِ، والعِتْقِ، والحَدِّ، والوَلاَءِ، والوِكَالَةِ، والوِصَايَةِ، وكل ما ليس بمال، ولا القصيد (?) منه المال (?)؛ حتى يَجْرِيَ في الوِلاَدَةِ، والرِّضَاعِ، وعُيُوبِ النِّسَاءِ.

وليس قَبُولُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فيها، لِقِلَّةِ خَطَرِهَا؛ ولكن لأن الرِّجَالَ لا يَطَّلِعُونَ عليها غَالِباً.

وتَوَقَّفَ الإِمام في الوِكَالَةِ [وقال: الوِكَالةُ] (?) في دَرَاهِمَ خَسِيسَةٍ، أَحْسَنُ من ملكها؛ فإن تَصَرُّفَ المُلاَّكِ، أقوى من تَصَرُّفِ الوُكَلاَءِ.

والتغليظ إنما يَلِيقُ بما يعظم خَطَرُهُ، وليس اشْتِرَاطُ الذُّكُورَةِ في شهود الوِكَالَةِ لِشَرَفِ الوِكَالَةِ؛ لكن للشَّارعِ تَعَبُّدٌ في [نصاب] (?) الشهادات فيتبع.

وأما الأموال، فَيَجْرِي التَّغْلِيظُ في كثيرها دون قَلِيلِهَا على مَا وَرَدَ في الآثارِ.

رُوِيَ أن عَبْد الرَّحمن بْنَ عوف -رضي الله عنه- رأى قَوْماً يَحْلِفُونَ بين المَقَامِ والبيت، فقال: أَعَلَى دَمٍ؟ قالوا: لا. قال: أفعلى عظيم (?) من المال؟. قالوا: لا. قال: خَشِيتُ أن يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بهذا البَيْتِ ويُروى أن يَبْهَأ النَّاس بهذا البَيْت. يقال: بَهَأْتُ بالشيء، إذا أَنِسْتَ به حتى سَقَطَ هَيْبَتُهُ قليله (?) والكثير من المال ما يَبْلُغُ عَيْناً، أو قيمة نِصَاب الزَّكَاةِ؛ وهو عشرون دِينَاراً، أو مائتا دِرْهَمٍ (?)، والقليل ما دُونَ ذلك، فلا تُغَلَّظُ فيه، إلا أن يَرَى القاضي التَّغْلِيظَ [لجرأةٍ: يجدها في الحَالِفِ، فله التغليظ] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015