الركن الثاني: جواب المدعي عليه

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرُّكْنُ الثَّانِي: جَوَابُ المُدَّعَي عَلَيْهِ وَهُوَ إِقْرَارٌ أوْ إِنْكَارٌ إذ السُّكُوتُ كَالإِنْكَارِ، وَقَوْلُهُ: لِي عَنْ دَعْوَاكَ مَخْرَجٌ أوْ لِفُلانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَكَ اسْتِهْزَاءٌ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المُدَّعَى عَلَيْهِ: إما أن يُجِيبَ بِالإِقْرَار، أو بالإِنْكارِ، أو يَسْكُتَ. وإنما قال: السُّكُوتُ كالإِنْكَارِ؛ لأن المُدَّعَى عليه، إذا أَصَرَّ على السكوت، جُعِلَ كالمُنْكِرِ الناكل. وتُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي، فهو في الحُكْمِ كالإنكار (?)، والكلام في الإِقرَارِ وصِيغَتِهِ، ما مَرَّ في باب الإقرار.

وقول المُدَّعى عليه: لي عن دعواك مَخْرَجٌ، ليس بإقْرَارٍ، يجوز أن يزيد المَخْرج بالإنكار. وكذا قوله لفلان: عَلَيَّ أَكْثَرُ مما لك، ليس بِإقْرَارٍ للمخاطب، فيما ادَّعَاهُ؛ لأنه يحتمل أن يزيد الاستهزاء، وأيضاً يحتمل أن يُريدَ: لفلان عَلَيّ حُرْمَةٌ، وحَقٌّ أكثر مما لك.

وقد ذكر القاضي أبو سَعْدٍ أنه لو قال: لك عَليَّ أَكْثَرُ مما ادَّعَيْتَ، لم يكن إِقْرَاراً؛ لاحْتِمَالِ أن يريد: لك من الحق عِنْدِي، ما يستحق له أكثر مما ادعيت. وكما لا يَكُونُ قوله: لفلان عَلَيَّ أَكْثَرُ مما لك إقْرَارَاً للمخاطب، فلا يكون إِقْراراً لفلان أيضاً، لاحْتِمَالِ أن يزيد معي الحق والحُرْمَة، نعم لو قال: لفلان مَالٌ أكثر مما ادَّعَيْتَ، فهذا يكون إِقْرَاراً لفلان، إلا أنه يقبل تفسيره بما دُونَهُ في القَدْرِ؛ تَنْزِيلاً على كَثرَةِ التَّرِكَةِ، أو الرَّغْبَةِ على ما أوضحناه في الإقرار.

وقوله في الكتاب: "استهزاء وليس بإقرار". أي هو يحتمل الاسْتِهْزَاءَ. ولا شَكَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015