وقوله في الكتاب: "فالنص أنه يُسْمَعُ" ليُعَلَم بالحاء والألف؛ لأن عندهما تُسْمَعُ، ولا حَاجَةَ إلى التفصيل.
وقوله: "وفي البيع يُسْمَعُ"، يُشْعرُ ظاهره بأن النَّصَّ في البيع السَّمَاعُ، وبأن الأَصْحَابَ، تفرقوا (?) في النصين تَقْرِيراً من البعض، [ونَقْلاً، وتَخْرِيجاً، من البعض] (?) على المَشْهُودِ من مسائل النَّقْلِ، والتخريج. لكن الكتب المَشْهُورَةَ سَاكِتَةٌ عن ذلك. نعم في كتاب القَاضِي ابْنِ كَجٍّ: أن نَصَّهُ في البيع ونحوه جَوَازُ الإطلاق.
وقوله: "ولو قال: هي زَوْجَتِي، كَفَاهُ الإطْلاَقُ". هذه صورة الدَّوَام، وتَرْجِيح الاكتفاء بالإطلاق، لا يُوَافِقُ اخْتِيَارَ المعظم.
وقوله: "ولا بُدَّ من ادَّعى بيعاً (?) صحيحاً، فيذكر الصحة" معلم بالواو.
واعلم أن دعوى النكاح؛ تَارَةً تكون على المَرْأَةِ، وأخرى على الوَلِيِّ؛ إذا كان مُجْبَراً، كما بَيَّنَّاهُ في كتاب النِّكَاحِ، في مسألة تزويج الوَلِيَّيْنِ من شخصين، وذكرنا هناك، أن الأَئِمَّةَ قالوا: إن ادَّعى كُلُّ وَاحِدٍ من الزوجين سبق نكاحه، وعلم المرأة به، فَيُبْنَى على أن إِقْرَارَ المَرْأَةِ بالنكاح هل هو مَقْبُولٌ؟ إن قلنا: إنه غير مَقْبُولٍ، فلا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا عليها؛ لأن غَايَتَهَا أن تُقِرَّ وإن قلنا: إنه مَقْبُولٌ، وهوِ الصحيح فَتُسْمَعُ، وهذا يَقْتَضِي أن يكون سماع دعوى النكاح على المرأة، [أبدأ] (?) مُخَرَّجاً على ذلك الخِلاَفِ، فكأنهم لم يذكروه هاهنا، اقْتِصَاراً على الصحيح.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: السَّادِسَةُ: دَعْوَاهَا الزَّوْجِيةَ لاَ تُسْمَعُ عَلَى الأَصَحِّ مَا لَمْ بَتَعَرَّضْ لِمَهْرِ أَو نَفَقَةٍ، فَإِنْ قُلْنَا: يسْمَعُ فَهَلْ تَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ إنْكَارِهِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ مَأْخَذُهُ أَنَّ الإِنْكَارَ طَلاَقٌ أَمْ لاَ حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ يُسَلِّمُ الزَّوْجَةَ إِلَيْهِ وَفِيهِ خِلاَفٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: دَعْوَى المَرْأَةِ النِّكَاحَ؛ إما أن يَقْتَرِنَ بها طَلَبُ حَقٍّ من حُقُوقِ النكاحِ، كَصَدَاقٍ، ونَفَقَةٍ، وقَسْمٍ، ومِيرَاثٍ بعد موته، فهي مَسْمُوعَةٌ لا مَحَالَةَ. وإما ألا يَقْتَرِنَ، وتَتَمَحَّض دَعْوَى الزوجية، ففي سَمَاعِهَا وجهان:
أحدهما: المَنْعُ؛ لأن بَقَاءَ النِّكَاحِ حَقُّ الزوج عليها، فكأنها تَدَّعِي كَوْنَهَا رَقِيقَةٌ، وهذه دَعْوَى غير مُلْزِمَةٍ.
والثاني: أنها تُسْمَعُ؛ لأن النِّكَاحَ وإن كان حَقّاً له فهو مَقْصُودٌ لها من تَعَلُّق حقوق فَيُثْبِتُهُ، ويُتَوَسَّلُ به إلى تلك الحُقُوقِ.