المَأْخُوذُ مَضْمُوناً على الآخِذِ حتى إذا تَلِفَ قبل البَيْعِ والتملك، تَلِفَ من ضمانه؟
فيه وجهان: في وجه نعم (?)؛ لأنه أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، فأشبه المُسْتَامَ وبل أَوْلَى؛ فإن المَالِكَ لم يَأْذَنْ فيه، ولأن المُضطَرَّ إذا أخذ ثَوْبَ الغَيْرِ لدفع الحَرِّ، وتَلِفَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ وكذلك هاهنا وفي آخر: لا؛ لأنه مَأْخُوذٌ للتَّوثُّقِ والتَّوَصُّلِ به إلى الحَقِّ، فأشبه الرَّهْنُ
وإذن الشرع في الأَخْذِ، يَقُومُ مَقَامَ إِذْنِ المالك. وهذا أَصَحُّ عند القاضي الرُّوياني، والأول أَقْوَى في المعنى، وهو الذي أَوْرَدَهُ الصَّيْدَلاَنِيُّ، والإمام، وصاحب الكتاب -رحمهم الله [وايَّانا] (?) -. وإذا قِيل به ينبغي أن يُبَادرَ إلى البَيْعِ بِحَسَبِ الإِمْكَانِ فإن قصر، فَنَقُصَتْ قِيمَتُهُ ,ضَمِنَ النُّقْصَانَ.
وإذا فرض في القيمة انْخِفَاضٌ وارْتفَاعٌ، وتَلِفَ، فهي مَضْمُونَةٌ عليه بالأكثر، كذلك ذكره في "التهذيب".
ولو اتَّفَقَ ردّ العين، لم يضمن نُقْصَانَ القيمة، كالغَاصِبِ ولو باعه، وتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ، ثم وفَّي المُسْتَحَقّ دَيْنَهُ عليه، ففيما علق عن الإِمام: أنه يجب أن يَرُدَّ إليه قِيمَةَ المَأْخُوذِ؛ كما إذا (?) ظَفِرَ المالك بغير جِنْسِ المَغْصُوب من (?) مال الغاصب (?)، وأخذه، وبَاعَهُ، ثم رَدَّ الغَاصِبُ المَغْصُوبَ، كان على المَالِكِ: أن يَرُدَّ قِيمَةَ ما أَخَذَهُ وباعه، لكن أَخْذَ المستحقِّ، وبَيْعَهُ، وتَمَلُّكَهُ بالثمن، نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ المستحق عليه.
وما دام المَغْصُوب باقياً، فهو المُسْتحقّ، والقيمة تؤخذ لِلْحَيْلُولَةِ، فإذا رَدَّ العين، فَتُرَدُّ القيمة؛ كما لو دفع القِيمَةَ بِنَفْسِهِ. وهاهنا المستحق الدَّيْن، فإذا باع وأخذ، فما ينبغي أن يَرُدَّ شيئاً، ولا أن يُوفّر عليه بعد ذلك شَيْءٌ -والله أعلم-.