الحالة الأولى: إذا رجعوا قبل القَضَاءِ؛ فيمتنع القَضَاءُ, لأنه لا يَدْرِي أنهم صَدَقُوا في الأول، أو في الآخر، فلا يَبْقَى ظَنُّ الصَّدْقِ.

ثم إن اعْتَرَفُوا بأنهم تَعَمَّدوا الكَذِبَ، فهم فَسَقَةٌ يستترون، وإن قالوا: غلطنا (?)، لم يَفْسُقُوا (?)، لكن لا تُقْبَلُ تلك الشَّهَادة لو أَعَادُوهَا.

وقد ذكرنا هذا من قَبْلُ، ولو كانوا قد شَهِدُوا بالزِّنَا، فَرَجَعُوا، واعترفوا بالتَّعَمُّدِ، فَسَقُوا، وحُدُّوا حَدَّ القَذْفِ. وإن قالوا: غَلِطْنَا، ففي حَدِّ القَذْفِ وجهان:

أحدهما: المنع؛ لأن الغَالِطَ مَعْذُورٌ.

وأظهرهما: الوجوب؛ لما فيه من التغيير. وكان من حَقِّهم التَّثَبُّتُ، والاحْتِيَاطُ، وعلى هذا تُرد شهادتهم. وإن قلنا: لا حَدَّ، فلا رَدَّ.

ولو قال الشُّهُودُ للقاضي بعد الشهادة: تَوَقَّفْ في القَضَاءِ، وجب التوقيف فإن قالوا بعد ذلك: اقضِ فنحن على شَهَادَتِنَا، ففي جَوَازِ القَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ وجهان:

المنع؛ لأن قولهم: تَوَقَّفْ، يورث الرِّيْبَةَ، والتُّهْمَةَ، في شهادتهم، ولأنه طَرَأَ على الشَّهَادَةِ ما يَمْنَعُ الحُكْمَ بها، فَأشْبَهَ ما لو طَرَأَ الفِسْقُ.

وأقربهما، وبه أجاب بَعْضُ أصحاب الإِمام؛ الجَوَازُ لأنه لم يَتَحَقَّقْ رجوع. ولا بطلت (?) أَهْلِيَّةٌ، وإن عَرَضَ شَكٌّ، فقد زَالَ. وعلى هذا فهل يجب إِعَادَةُ الشهادة؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لِبُطْلاَنِ تلك الشَّهَادَةِ بما عَرَضَ من التوقف.

وأَوْلاَهُمَا: لا؛ لأنها صَدَرَتْ من أهل الشهادة، جازم بها، والتوقف الطَّارِئُ قد زَالَ، وكأنه لم يَكُنْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015