قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصل الرَّابعُ في أن شَهَادَةَ الفرع (?)، متى تُسْمَعُ؟ وإنما تُسْمَعُ شَهَادَةُ الفرع، إذا تَعَذَّرَ الوُصُولُ إلى شَهَادَةِ الأَصْلِ، أو تَعَسَّرَ، وإلا ازداد احْتِمَالُ الخَطَإ والخَلَلُ من غير ضَرُورَةِ حاجة حاقة. ويخالف الرواية, فإنها أَوْسَعُ بَاباً.
وحكى القاضي أبو سَعْدٍ الهَروِيُّ وَجْهاً عن نقل صاحب "التلخيص" (?)، أنه تُقْبَلُ شَهَادَةُ الفُرُوعِ، وإن حَضر الأصول، والمَذْهَبُ المَشْهُورُ الأَوَّل.
فمن وجوه التَّعَذُّرِ مَوْتُ الأَصْلِ، وأُلْحِقَ به العَمَى، ومن وجوهه المَرَضُ، ولا يشترط ألا يمكنه الحضور، وإنما المُعْتَبَرُ، أن يَنَالَهُ في الحضور مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، ويلحق خوف الغَرِيمِ وسائر ما يترك به الجمعة بالمرض، هكذا أَطْلَقَ الإِمَامُ، وصاحب الكتاب.
ولكن ذلك في الأَعْذَارِ الخاصة (?) دون ما يَعُمُّ الأُصُول، والفروع، كالمَطَرِ، والوَحْلِ الشَّدِيدِ (?).
ولا يكلّف القاضي أن يحضر عند شاهد الأصل، أو يبعث إليه نَائِبه، لما فيه من الابْتِذَالِ.
ومنها الغَيْبَةُ إلى مَسَافَةِ القَصْرِ، وإن كانت دون مَسَافَةِ القَصْرِ، فمنهم مَنْ أَطْلَقَ وجهين، وكذلك، يُحْكَى عن ابن القَطَّانِ.
والأَشْبَهُ، أنه إن كانت المَسَافَةُ بحيث لو خَرَجَ الأَصْلُ بُكْرَةً لأداء الشَّهَادَةِ، أمكنه الرجوع إلى أَهْلِهِ ليلاً فلا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الفرع. وتُسَمَّى هذه المَسَافةُ، مَسَافَةَ العَدْوَى. وإن كانت بحيث لا يمكنه الرُّجُوعُ، فهو مَوْضِعُ الوجهين، والتَّفْصِيلُ هو المَذْكُورُ في الكتاب.