أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى" (?)، وبهذا قال مَالِكٌ وأَحْمَدُ -رحمهما الله- ونعود بعد هذا إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب وبيان موضع العلامات.
قوله: (ثم التطوعات لا حصر لها)، أراد بالتطوع هاهنا ما ينشئه الإنسان باختياره، ولا يتعلق بوقت ولا سبب، لأنه أراد بقوله: (لا حصر لها) أنه لا حصر لركعاتها على ما صرح به في "الوسيط"، والظاهر أن هذا حكم منه على كل واحد منها، وفي أول الباب أراد بالتطوع مطلق النافلة، كما سبق بيانه.
وينبغي أن يعلم قوله: (لا حصر لها) بالحاء، لأن عند أبي حنيفة يكره في نوافل النهار أن تزاد على أربعة ركعات بتسليمة واحدة، وفي نوافل الليل أن تزاد على ثمان ركعات، وذكر صاحب "البيان" أنه يحكم بالبطلان لو زاد على العددين، والأحب عنده في نوافل النهار أن تكون أربعاً، حتى في الرواتب سوى ركعتي الفجر، وفي نوافل الليل يصلي بتسليمة واحدة ثمان ركعات، أو ستاً أو أربعاً، أو ركعتين، ولا فضل لبعضها على بعض، ويجوز أن يعلم بالواو أيضاً لما سبق حكايته عن المسعودي، ويجوز أن يعلم قولة: (أن يتمها عشراً) بالحاء أيضاً، إذ لا مزيد عنده على ثمان ركعات.
وقوله: (جاز له الأقتصار على واحدة) معلم بالميم؛ لأن عنده الشروع في التطوع ملزم، إلا أن يكون هناك عذر، وبالحاء لأمرين:
أحدهما: أن الشروع يلزم عليه ركعتين.
والثاني: أن الركعة الفردة ليست بصلاة عنده، وعندنا هي صلاة؛ لما سبق، ولو نوى صلاة تطوع ولم ينو واحدة ولا عدداً، فهل يجوز الاقتصار على واحدة؟ حكى في "التتمة" فيه وجهين مبنيين على ما لو نذر صلاة مطلقة، هل يخرج عن العهدة بركعة أم لا بد من ركعتين؟ وينبغي أن يقطع بجواز الاقتصار على واحدة (?)؛ لأنه وإن نوى ركعتين فصاعداً لا يجوز له الاقتصار على واحدة، فعند الإطلاق أولى أن يجوز.
وقوله: (وله أن يتشهد بين كل ركعتين) ينبغي أن يعلم بالواو، لأمرين:
أحدهما: أن صاحب "البيان" حكى وجهاً: أنه لا يجلس إلا في الأخيرة.
والثاني: أنا حكينا عن بعض الأصحاب أنه لا يزيد على تشهدين وإن كثرت الركعات، وذلك القائل لا يُجَوِّزُ التشهد بين كل ركعتين.