وأما الفَرْعُ فلو تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ، وهو فَاسِقٌ، أو عَبْدٌ، أو صَبِيٌّ، أو أَخْرَسُ، صح تَحَمُّلُهُ، كَتَحَمُّلِ الأَصْلِ الشَّهَادَةَ في هذه الأحوال، ثم الأَدَاءُ يكون بعد زَوَالِهَا, ولا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ، إلا من الرِّجَالِ، ولا مَدْخَلَ فيها لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وإن كانت الأُصُولُ أو بَعْضُهُم إِنَاثاً، وكانت الشَّهَادَةُ فِي وِلاَدَةٍ، أو رِضَاعٍ، أو مَالٍ، لما سنذكره -إن شاء الله تعالى- أن شَهَادَةَ الفَرع تُثْبِتُ شَهَادَةَ الأَصْلِ، لا ما شَهِدَ به الأَصْلُ.

ونَفْسُ الشهادة ليس بِمَالٍ، ويَطَّلِعُ عليها الرجال.

وقال أبو حَنِيْفَةَ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الشهادة في النِّسَاءِ، فيما يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ النساء. ونقل القاضي ابن كَجٍّ وَجْهاً مِثْلَهُ في الوِلاَدَةِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالثُ: العَدَدُ وَلْيَشْهَدْ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ شَاهِدَانِ، فَإِنْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا جَمِيعَاً، جَازَ علَى أَقْيَس القَوْلَيْنِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُ شَاهِدَي الأَصْلِ، مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ، عَلَى شَهَادةِ الأَصْلِ الثَّانِي، وَشَهَادةُ الزِّنَا كَالإِقْرَارِ بِالزِّنَا، فَتثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَمْ بِأربَعَةٍ؟ فِيهِ قَوْلاَن، وَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذهِ الاخْتِلاَفَاتِ فِي شُهُودِ الفَرْعِ فِي الزِّنَا، إِنْ قَبِلنَاهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، فَيَجِبُ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ ثَمَانِيَة، أَوْ أَربَعَةٌ، أَوِ اثْنَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصل الثالث: في عَدَدِ الشهود (?).

الفرع:

فإن شَهِدَ شَاهِدَانِ على شَهَادَةِ أَصْلٍ وآخران على شهادة الثاني، فقد تَمَّ النِّصَابُ بلا كلام، ولا يجوز أن يَشْهَدَ فَرْعٌ على شهادة أَصْلٍ، وآخر على شهادة الثاني، خِلاَفاً لِأَحْمَدَ. واحْتَجَّ الأَصْحَابُ بأن الفرع يَثْبُتُ بشهادة الأصل، ولا يكفي وَاحِدٌ لإثبات شَهَادَةِ كل أصل؛ كما لو شَهِدَ اثْنَانِ على شَهَادَةِ مقرين.

كذلك لو شَهِدَ اثنان على شَهَادَةِ الأَصْلين معاً، ففيه قولان:

أحدهما: وهو اختيار المُزَنِيِّ: أنه لا يجوز؛ لأنهما إذا شَهِدَا على شَهَادَةِ أحد الأصلين، كانا كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ قام شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّطْرَيْنِ، فلا يقوم بها الشَّطْرُ الثاني، كمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015