العَدْلِ الأَدَاءُ؛ تَفْرِيعاً على الصَّحيح، إذا كان الحَقُّ لا يَثْبُتُ بشَاهِدٍ، ويَمِينٍ.
وَقَيْدٌ خَامِسٌ: وهو ألا يَكُونَ مَعْذُوراً بِمَرَضٍ، ونحوه؛ فإن المَرِيض الذي يَشُقُّ عليه الحُضُورُ، لا يُكَلَّفُ أن يَحْضُرَ، ويؤدي، بل إما أن يُشْهِدَ على شَهَادَتِهِ، أو يَبْعَثَ القاضي إليه مَنْ يَسْمَعُ شهادته، والمرأة المَخَدَّرَةُ، كالمَرِيضِ، وفيها الخِلاَفُ الذي سَبَقَ في الباب الثالث من "أدب القضاء".
وغير المُخَدَّرَةِ يَلْزَمُهَا الحُضُورُ وَالأَدَاءُ، وعلى الزوج أن يَأْذَنَ لها: ذكره القاضي ابْنُ كَجٍّ. وإذا اجتمعت شَرَائِطُ الوُجُوبِ، فلا يُرْهَقُ الشَّاهِد إِرْهَاقاً؛ بل لو كان في صَلاَةٍ، أو حَمَّامٍ، أو على طَعَامٍ، فله التَّأْخَيرُ إلى أن يَفْرَغَ.
وعن أبي الحُسَيْنِ بن القَطَّانِ حِكَايَةُ قولين: أنه هل يُمْهَلُ إلى ثَلاَثَةِ أيام (?)؟ قال القاضي ابْنُ كَجٍّ والظاهر: المَنْعُ، وذكر أنه لو شَهِدَ، وَرَدَّ القاضي شَهَادَتَهُ بِعلَّةِ الفِسْقِ، ثم طلب المُدّعي منه أن يَشْهَدَ عند قَاضٍ آخر؛ فعليه الإِجَابَةُ.
وعند ذلك القاضي لا يَجِبُ.
وفيه وجه: أنه لو دُعِيَ لأداء الشَّهَادَةِ عند أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ، فعند ابن القَطَّانِ لا يَجِبُ عليه أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عندهما، وإنما يلْزَمُ عند مَنْ لهَ أَهْلِيَّةُ سَمَاع الشَّهادة وهو القاضي. قال: وعندي يَجِبُ إذا عُلِمَ أنه يَصِلُ به الحَقُّ إلى المُسْتَحِقِّ (?).