الوَاقِعَةِ شُهُودٌ، فالأَدَاءُ فَرْضٌ على الكِفَايَةِ، إذا قام به اثْنَانِ منهم، سَقَطَ الفَرْضُ عن البَاقِين. وإن طُلِبَ الأَدَاءُ من اثنين، ففي وجوب الإِجَابَةِ عليهما وَجْهَانِ، وعن ابن القَاصِّ؛ قولان:

أحدهما: لا يجب، كما أن من دُعِيَ للتَحَمُّلِ، لا يجب عليه الإِجَابَةُ، إذا لم يَتَعَيَّنْ. وبهذا أجاب الصيمري.

وأصحهما: وبه قال أبو إِسْحَاقَ: يجب، وإلا، لأَفْضَى إلى التواكل (?). ولأن من عَيَّنَهُ، قد يكون أَظْهَرَ عَدَالَة، فيسارع القَاضِي إلى قَبُولِ قَوْلِهِ، وليس كالتَّحَمُّلِ؛ لأن هناك يُطْلَبُ منه تَحَمَّلُ أَمَانَةٍ، وهاهنا يُطْلَبُ أَدَاءُ أَمَانَةٍ تَحملَهَا.

قال الإِمَامُ: وموضع الوَجْهَيْن، ما إذا عَلِمَ المُدَّعون، أن في الشُّهُودِ من يَرْغَبُ في الأَدَاءِ، أو (?) لم يعلم من حالهم رغبة، ولا إباءً (?).

أما إذا عُلِم إبَاؤُهُمْ، فليس ذلك مَوْضِعَ الخلاف.

القَيْدُ الثاني: كونه مُتَحمِّلاً لها عن قَصْدٍ. أما من سمع الشيء، أو وقع عليه بَصَرُهُ اتِّفَاقَاً، ففي الوُجُوبِ وَجْهَانِ مذكوران في "النِّهَايَة":

أحدهما: لا يجب؛ لأنه لم يُوجَدْ منه الْتِزَامٌ، وإذا تَحَمَّلَ قَصْداً، كان مُلْتَزماً، فجعل كَضَمَانِ الأمْوَالِ، وأَوْفَقُهُمَا لإِطْلاَقِ أكثرهم؛ أنه كالتَّحَمُّلِ قَصْداً؛ لأنه أمَانَةٌ حَصَلَتْ عنده، فعليه الخُرُوجُ منها (?)، وهذا كما أن الأَمَانَاتِ المَالِيَّة، تَارَةً تَحْصُلُ عنده بِقَبُولِ الوَدِيعَةِ، وتَارَةً بتطيير الريح.

القَيْدُ الثَّالِثُ: أن يُدْعَى لأداء الشَّهَادَةِ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبةٍ. ومهما كان القاضي في البَلَدِ، فالمَسَافَةُ قَرِيبَةٌ، وكذا لو دُعِيَ إلى مسافة، يَتَمَكَّنُ المُبَكِّرُ إليها من الرجوع إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015