لاختلاف المبْنَى به، كالآجر مع اللَبن، فلا كَلاَم في أنَّ قِسْمَتَها من جمْلَةِ قِسْمةِ التَّعْدِيل، وإن كان لاختلاف هيئات البناء وأشكالها، وسعتها، وضيقها، فعَنْ بعْضِهِم أنَّ الجواب كذلك، قال الأِمام: إذا كَانَ في شَرْقيِّ الدار صفة وبيت، وكذلك في غرْبها وتأتيَّ تبعُّضُ العَرَصة، فقد اشْتمل كلُّ حصة عَلَى مِثْل ما اشتملَتْ عليه الأخْرَى، فيجوز أنْ يُقَالَ يجري الإِجبار عَلَى مثل هذه القسمة، ولا يختلفُ الأمر باختلافِ الجِهَةِ فاغتفر تماثلُ الحصتَيْن في الأبنية، ومنْهم من قطَع بالإِجْبار مع اختلاف أشْكَال الأبنيةِ وهيئاتها، والقياس الأول.

وقوله: "واللبنات المختلفة القوالب كذلك" يعني أنَّه إذا اختلفت القوالبُ تختلف الأغراضُ، فيجيء الإِجْبار على القسْمَة، وفيه الخلاف، أما إذا تساوَتْ، كانَتْ كالمتشابهات، فيُجْبَر فيه على القسمة.

فَرْعٌ: دارٌ بين اثْنَيْنْ، لها علُوٌّ وسفل، فطلب أحدُهُما قسمتها علواً وسفلاً، أجْبِر الآخر عنْد الإمكان، وإن طلب أَحدُهُما أنْ يُجْعَلَ العُلُّو لواحدٍ، والسفلُ لآخر، لم يُجْبَر عليه، هكذا أطلقوه، ووجَّهُوه بأن العُلَّو تابعٌ، والسَّفل متبوع، فلا يجوز أن يجعل أحد النصيبين تابعاً، والآخر متبوعاً، وبأن العُلوَّ مع السفل كدارَيْنه متلاصقتَيْن؛ لأن كل واحدٍ منْهما يَصْلُح أن يُتَّخذ مسكناً، ويجوز أن يُقَالَ: "إن لم تكن القسمة سفلاً وعلواً، يجعل السَّفَل لأحدهما، والعُلوّ للآخر من جمْلة قسْمة التعديل، وإنْ طلب أحدهما أن يقسم السَّفَل بينهما، ويترك العُلوّ على الإِشاعةِ، لم يُجْبَر الآخر عليه؛ لأنهما قد يقسمان العُلوَّ بعد ذلك، فيقَعُ ما فوق نَصِيبِ هذا من السَّفَل لذلك.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: أمَّا قِسْمَةُ الرَّدَّ وَهُوَ أَنْ يُخَلِّفَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الآخَرِ سِتُّمَائَةٍ فَلوْ رَدَّ آخِذُ النَّفِيسِ مَائَتَيْنِ اسْتَوَيَا وَلاَ إجْبَارَ عَلَى هَذَا أَصْلاً، وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالخَسِيسِ وَخُمْسِ النَّفِيسِ لِتَزُولَ الشَّرِكَةُ عَنْ أَحَدِ العَبْدَيْنِ اسْتَوَيَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يُجبَرُ عَلَيْهِ؛ لأنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ قَائِمٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ كَقِسْمَةِ التَّعْدِيلِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: النوعُ الثَّالِثُ قسمةُ الردِّ، وصورتُها أن يكون في أحدِ جانِبَي الأرضِ بئر أو شجر أو في الدارِ بيْتٌ لا يمكنُ قسمتُه، فتضبط قيمة ما اختص به ذلك الجانبُ، فتقسم الأرضُ والدارُ عَلَى أنه يَرُدَّ مَنْ يأخذُ الجانبَ الذي فيه البئرُ، أو الشجرُ، أو البيتُ، تلْك القيمةَ، وهذا لا إجبار عليه؛ لأنه دخَلَه ما لاَ شَرِكَةَ فيه، وكذلك لو كان بينهما عبدانِ بالسوية، وقيمةُ أحدهما ألْفٌ، وقيمةُ الآخَرِ ستُّمائةِ واقتسما عَلَى أن يردَّ آخذ النَّفِيس مِائتَيْنِ، استويا، هذَا هو المشْهُور، وفي "أمالي" أبي الفرج أن من أصحابنا من خَرَّج قولاً مأخوذاً من الخلاف فيما إذا كان بَيْنَهما عبدان، قيمةُ أحدهما ألْفٌ، وقيمةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015