الحانوتان والدارُ أو تباعدَا؛ لشدَّة اختلاف الأغراض باختلاف المحال والأبنية، فيلحقان بالجنسَيْن المختلفَيْن، وعن مالكٍ: أنه يُجْبَرُ عند المتجاوز، وعن أبي حنيفةَ: أنه يُجْبَرُ، إن كان إحدى الدارَينْ حجرةً للأخرَى، وفي "الرقْم" للعباديِّ وجْه: أنه يُجبر عمن غير فرْقٍ بين التجاوُر والتباعُد، ولو كانت بينهما دكاكِينُ صغارٌ متلاصقةٌ، لا يَحْتَمِلُ آحادُها القسمةَ، ويقَالُ لها العضايدُ، وطلب أحدهُما أن يقسم هل يجبر الممتنع فيه وجهان:

أحدُهما: لا، كالدُّور، وكما لو كانت متفرقة.

وأصحُّهُما: على ما ذكره القاضي الرويانيُّ وغيره: نعم، للحاجة، فينزَّل منزلة الجدار المشتمل على البُيُوت والمساكن، هكذا صوَّر هذه الصورةَ أكْثَرُ ناقليها، وهو القديم، وصوَّر صاحبُ "المهذب" فيما إذا احْتَمَلَتْ كلُّ واحدة منْهما القسمةَ، وحَكَى وجهَيْن فيما إذا طلب أحدُهما قسمتها أعياناً، والآخرُ قسمة كلِّ واحدة منْهما، يُجاب الأول؛ إلحاقاً لها بالدَّار المشتملة على البيوت، والثاني؛ إلْحاقاً لَهَا بالدّوْرَ، وأما الأقرحة (?)، إن كانَتْ متفرقة، فهي كالدُّور، كان كانت متجاورةً، ففي "الشامل"، أن أبا إسحاق نَزَّلها منزلة القراح الواحدِ المختلِف الأجْزاء وأنَّ غيره قال: إنما يكون القراح الواحدِ، إذا اتحد المشِّرْب والطريق، فإن تعذر، فهو كما لو تفرَّقت، وهذا أشبه بكلامِ الشافعيِّ -رضي الله عنه-.

وأما غَيْرُ العَقَار، فهذا اشتركا في عَبِيدٍ أو دواب أو أشجار أو ثياب، فإما أن يكون من نوعٍ واحدٍ أو لا يكون.

الحالةُ الأولَى: إذَا كانت من نوعٍ واحدٍ، وأمكن التسوية بين الشريكَيْن عدداً أو قيمة كعبدين متساوي القيمة بين اثنين، وكثلاث دوابَّ متساويةِ القيمةِ بين ثلاثة فظاهر المذهب: أنه يُجْبَرُ على صحة قسمتها أعياناً، ويُكْتَفى بالتساوِي في القيمة بخلافِ الدُّور، لشدَّة اختلاف الأغراض فِيها، وعن أبي عليٍّ بن خيران وابن أبي هريرة: أنها كالدُّور، وحَكَى ابنُ الصَّبَّاغ القَطْعَ في العبيد بجواز الإجْبار، كما جزَّأ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- العبيدَ الستة الَّذين أعْتَقَهُمُ الأنصاريُّ -رضي الله عنه- في مرضِهِ ثلاثةَ أجزاءٍ (?)، وخصَّ الخلافَ بغَيْر العبيد، وعن أبي حنيفة أنه لا إجْبَار في العبيد ولا في الخيل والإبل، وإنْ لم يمْكِنِ التسوية في العدَدِ؛ كثلاثة أعبد من اثْنَينِ علَى السواء؛ أحدُهم يساويَ الآخَرْين في القيمة، فإِن قلنا بالإِجبار عنْد إمكان التسوية، فهاهنا قولان: يُنْظَر في أحدهما إلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015