أرادوا التخلف حيْثُ لا قاضي ولا شهود، قال فى "التهذيب": ليس لهم ذلك، بَلْ عليهم الخروجُ إلَى موضع فيه قاضٍ وشهودٌ، فإن طلبوا أجرة الخروج، إِليه، فليس إلاَّ نفقتهم وكراء دوابِّهم بخلاف ما لو طلبوا أكثر من ذلك عند ابتداء الخروج من بلد القاضي الكاتب؛ حيث لا يكلَّفون الخروج والقناعة به؛ لأن هناك يمكن إِشهاد غيرهم، وهاهنا حامل الكتاب مضطر إِليهم، لماِذا لزم المكتوب إليه الخصم، وطالب أن يكتب له كتاباً بقبض الحقِّ، هل على القاضي إِجابته؟ فيه وجهان، قال الإصطخريُّ: نعم؛ كيلا يطالب به مرةٍ أخرَى، وبهذا أجاب أبو الفرج الزاز، وقال أكثرهم، لا؛ فإن الحاكم إِنما يطالب بإلزام ما حكم به وثبت عنده، ويكفي للاحتياط والاستيثاق إشهادُ المدعِي عَلَى قبْضِ الحقِّ، ولو طالبه بتسليم الكتاب الذي ثبت الحق به، لم يلزمْهُ دفْعُه، إِليه، وكذا من له كتاب بدَيْنٍ فاستوفاه، أو بعقار فباعه، لا يلزمه دفعُه إِلى المستوفَى منه، وإلَى المشتري؛ لأنه ملكه، ولأنه قد يظهر استحقاقٌ فيحتاج إليه. والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَهِيَ إِنْ كَانَتْ بِالإِجْبَارِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ العَدَدُ فِي القَاسِمِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَالمُقوِّمُ يُشْتَرَطُ فِيهِ العَدَدُ، وَلَيْسَ لِلقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بالتَّقْوِيمِ بِبَصِيرَةِ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنا: يَقْضِي بِعِلْمِهِ لأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَخْمِينِ وَيَحْكُمُ بِالعَدَالَةِ بِبَصِيرَةِ نَفْسهِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحاجة داعيةٌ إلى تجويز القسمة (?) بَيَّنَةٌ وذلك؛ لأنه قد يتبرَّم الشركاء أو بعضهُم بالمشاركة، ويريدون الاستبداد بالتصرُّف، وفي كتاب الله تعالَى جدُّه {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] الآية، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقَسِّم الغنائِمَ بين الغانمين، ثم القسمة قد يتولاَّها الشركاء بأنفسهم، وقد يتولاَّها غيرْهم، وهو إما منصوبُ الإِمام أو منصوبُهم، ويشترط في منصوب الإِمام الحريَّة، والعدالة (?)،