أحدها: وبه أجاب أصحابنا العراقيون: أنه يحضره، قَرُبَتِ المسافةُ أمْ بعُدَتْ، نعم، له أن يبعث إلى بلدِ المطلوبِ مَنْ يحكم بينه وبين المستعْدِي.
والثاني: إِن كان على ما دُونَ مسافة القَصْر أحضره، فَإِنْ زادت، فلا.
والثالث: إِن كان على مسافَةِ العَدْوَى، أحضره، وإِن زادت، فلا، وهذا أظهر عنْد الإِمام، وهو الذي أورده في الكتاب، فقال "ومهما غاب إلى مسافة العَدْوَى" فقيد الحَكم بمسافَةِ العدْوَى وقوله: "ولم يكن في موضعه حاكم" يجوز إِعلامه بالواو؛ لما عرفْتَ أَنَّ في وجهٍ يحْضر، وإن كان هناك حاكمٌ، لماِن قلنا: إن كان هناك حاكمٌ، فكذلك لا يحضره، إذا كان هناك من يتوسَّط، ويصلح بينهما؛ بان يكتب إليه أن يتوسط، ويصلح، فإِن تعذَّر عليه، فحينئذ يحضره، وحيث قلْنا: يحضر الخارج عن البَلدِ، فقد ذكر الإِمام وصاحب الكتاب، أنه إنما يحضر، إذا أقام المدَّعِي بينةً عَلَى ما يدعيه، فإنه قد لا يكون له حجَّةٌ، ويتضرر الخَصْمُ بالإِحضار، وبه أجاب في "العدة" لكن قد لا يكون له حجة ويريد تحليفه، فلعله ينزجر، ولم يتعرض الأكثرون، لما ذكراه، ولكن قالُوا: يبحث القاضي عن دعواه وعن جهتها، فقد يريد مطالبته بما لا يعقده كالذمِّيِّ يريد إحضار المسلم للمطالبة بضمان الخمر التي أراقها عليه. بخلاف الحاضر في البلد لا يحتاج في إِحضاره إِلَى تقديم البحث؛ لأنه ليس في الحُضُور هناك مؤْنَةٌ ومشَقَّةٌ شديدةٌ.
فَرْعٌ: لو كان الاستعداء على امرأةٍ خارجةٍ عن البلد، هل يحضرها (?)، وهي عورة، وهل يُشْترط أن يكون الطريقُ آمناً، ومعها نسوةٌ ثقاتٌ، وهل على القاضي أنْ يبعث إِلَيْها محرماً لها؛ لتحضر معه، قال أبو العبَّاس الرويانيُّ: كل ذلك على وجهين:
الأصح: أنه يبعث إِلَيْها مَحْرماً أو نسوةً ثقاتٍ كما في الحَجِّ.
الثالثة: إِذا ثبت على الغائب دَيْنٌ، وله مال (?) حاضر، فعلى القاضي توفيةُ الدَّيْن