فيشهد، ولو اعتبرنا التقادُمَ، لطالت المدة وتضرَّر المتداعيان بالتأْخِيرِ الطويل، هذا في التعديل، وأما في الجرح، فيعتمد المعاينة أو السماع، فالمعاينة بأن رآه يزني أو يشرب الخمر، والسماع كما إذا سمعه يقذف أو يُقِرُّ على نفسه بالزنا وَشُرْب الخمر، وإن سمع من غيره نظر، إن بلغ المخبِرُون حَدَّ التواتر، جاز الجَرْح؛ لحصول العلم، وإن لم يبلغوا حدَّ التواتر، لكنه استفاض وانتشر، فكذلك الجواب فيما حَكى ابن الصَّبَّاغ وصاحبُ "التهذيب" وغيرهما، ولا يجوز الجرح بناءً على خبر الواحد والعَدَدِ اليسيرِ، نعم، له أن يشهد على شهادتهم بشرط الشهادة على الشهادة، وذكره في "المهذب" تفريعًا على قول الإِصطخريِّ؛ لأني لم أجده في "التهذيب" وهو موجود تفريعًا (?) على ما سبقت حكايته عن الإِصطخريِّ؛ أن القاضي إنما يحكم بقول أصحاب المسائل؛ أنه يجوز أن يكون الخبر من الجيران أصحاب المسائل واحدًا إذا وقع في نفوسهم صدَّقه هل يشترط التعرُّض بسبب رؤية الجرح أو سماعه، قال قائلون: نعم، فلا بدّ وأن يقول: رأيته يَزنِي، وسمعته يقذف (?)، وعلى هذا القياس استفاض عندي، وفي "الشامل" أنه لا حاجَةَ إلَيْه، وليس للحاكم أن يقول: من أين عرفت حاله، وعلام بنيت شهادتك، كما في سائر الشهادات، وهذا أقيس، ويحكى عن ابن أبي هريرة، والأول أشهر، ولا يجعل الجارح بذكر الزنا قاذفًا للحاجة، كما لا يجعل الشاهد قاذفًا، فإن لم يساعده غيره ليكن كما لو شهد ثلاثةٌ بالزنا، هل يجعلون قذفةً (?)، وينبغي أن يكون المزكُّون وافري العُقُول؛ لئلا يخدعوا برآء من الشحناء والعصبية في النسب والمذهب خوفًا من أن يحملهم ذلك على جَرْح عَدْلٍ أو تزكية فاسقٍ، ويجتهد القاضي في إخفاء أمرهم، حتى لا يشتهروا في الناس بالتزكية، وهل يشترط لفظ الشهادة من المزكِّي فيه وجهان، كما ذكرنا في المُسْمِعِ:
أظهرهما: نعم، فيقول؛ أشهد أنه عدل، وهذا ما أورده في الكتاب، وقال في