أما اليمين؛ فقد قال الأصحابُ: يجوز له أن يَحْلِفَ على استحقاق الحقِّ، وأداء الحق؛ اعتمادا على خطِّ أبيه (?)، إذا وثق بخطه وأمانته وضبطه قال القفال: وضابط وثوقه بأن يكون بحيث لو وجد في تلْكَ التَّذْكِيرة أن لفلانٍ عليَّ كذا، لا يجد من نفسه أن يحلف على نَفْي العلم به، بل يؤديه من التركة، وفرقوا بينه وبين القضاء والشهادة؛ بأن القضاء والشهادة بناءً على الخطِّ ينجر إلى خطر عظيم.

وفي اليمين: لا يلزم ضرر عام، ولأن القضاء والشهادة تتعلق به، ويمكن فيه التذكير والرجوع إلى اليقين، وخط المورث لا يُتَوَقَّعُ فيه اليقين، فجاز بناء الأمر على غلبة الظن، حتى لو وجد بخط نفسه: أن له على فلان كذا وأنه أدَّى دين لم يجر له الحلف، حتى يتذكر، قاله في الشامل.

فَرْعٌ: قال الصَّيْمَرِيّ: أولى الأمور بالشاهد الاستعانة بالأسباب المغنية عن التذكر عند الأداء، وذلك بأن يثبت حلبة المقر، إذا لم يعرفه بعد ذكر الشهادة، ويقرب من ذلك ذكر التاريخ وموْضِعِ تحمل الشهادة، ومن كان معه حين تَحَمَّل وما أشبه ذلك، وحكى أبو محمد الحدَّاد من الأصحاب -رحمهم الله- أن بعض علمائنا ممن ولى قضاء البصرة كان يكتب: أن الذي شهدت عليه يشبه فلانًا، يعين رجلًا قد قبله علمًا، ويستعين بذلك على التذكُّر. وهذا أبلغ من إثبات الحلية والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ شَهَدَ عِنْدَ القَاضِي شَاهِدَانِ بِقَضَائِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ لَمْ يُقْضِ بِهِ، والمُحَدِّثُ يُحَدِّثُ عَمَّن أَخْبَرَهُ بِحَدِيثِهِ فَيَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ عَنِّي، وَلِقَاضٍ آخَرِ أَنْ يَقْضِيَ بِالشَّاهِدَيْنِ عَلَى قَضَائِهِ إِنْ لَمْ يُكذِّبَهُما، وَمِنْ ادَّعَى عَليْهِ أنَّهُ قَضَى لَهُ فأَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ كَمَا لا يُحَلِّفُ الشَّاهِدَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015