كصلاة الخسوف؛ لأنه لو قضى من غير تلاوة كان المأتي به على صورة سجدة لا سبب لها والأشبه بإيراده إثبات طريقة جازمة بأن هذه السجدات لا تقضى كصلاة الخسوف والاستسقاء بخلاف الرواتب في قضائها قولان؛ لأنه يتقرب بها إلى الله تعالى ابتداء ولا يتقرب بهذه، وعلى هذا قوله: (الأصح أن هذه السجدات) أي من الطريقين، وقوله: (وقيل يتقرب بها إلى الله تعالى) ابتداء إشارة إلى الطريق الثاني، أي إذا كانت كذلك جرى فيها الخلاف كما في الرواتب.

قال الغزالي: السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ: سَجْدَةُ (ح) الشُّكْرِ وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ هُجُومِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ لاَ عِنْدَ اسْتِمرَارِ نِعْمَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ السُّجُودُ بَيْنَ يَدَي الفَاسِقِ شُكْراً عَلَى دَفْعِ المَعْصِيَةِ وَتَنْبِيهًا لَهُ، وَإِنْ سَجَدَ إِذَا رَأَى المُبْتَلَى فَلْيَكْتُمْهُ كَيْلاَ يَتَأذَّى.

القول في سجود الشكر:

قال الرافعي: سجدة الشكر سُّنة خلافاً لمالك حيث قال: هي مكروهة، وبه قال أبو حنيفة في رواية وقال في رواية: لا أعرفها.

لنا ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "رَأَى رَجُلاً نُغَاشِيًّا فَسَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى" (?).

وعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "سَجَدَ فَأطَالَ فَلَمَّا رَفَعَ قِيلَ لَهُ فِي ذلِكَ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً فَسَجَدْتُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالى" (?).

وليس تسن سجدة الشُّكْرِ عند استمرار النعم، وإنما تسن عند مفاجأة نعمة أو اندفاع بَلِيَّة من حيث لا يحتسب، وكذا إذا رأى مبتلي ببلية أو بمعصية (?) فيستحب أن يسجد شكراً لله تعالى، ثم إذا سجد لنعمة أصابته أو بلية اندفعت عنه لا تعلق لها بالغير أظهر السجود، وإن كان لبلاء في غيره نظر إن لم يكن ذلك المغير معذوراً فيه كالفاسق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015