قلنا: لا يُطْلَقُ، فيكتب إلى خصمه في الحضور (?)، فإن لم يفعل، فحينئذ يُطْلَقُ، وإن قال: لا خصم لي أصلاً، أو قال: لا أدْرِي، لِمَ حُبِسْتُ، نودي عليه في طلب الخصم، فإن لم يحضر أحد، حلف، وأُطْلِقَ؛ وإنما حلف هاهنا ولم يحلف في الأجوبة السابقة؛ لأن هناك ظهر الخصم، وفصل الأمْر، فدعْوى أنه ليس له خَصْم آخر، لا تخالف الظاهر، وأما الحبس من غير خصم، فإنه خلاف الظاهر.

قال في "الوسيط": وفي مدة المناداة لا يُحْبَسُ، ولا يُخَلَّى بالكلِّيَّة، ولكن يُرْتَقَبَ، وحيث أَطْلَقَ الذي ادَّعَى: أنه مَظْلُومٌ، فَهَل يُطالَبُ بكَفيل؟ فيه وجهان:

أظهرهما: لا.

وأما لفظ الكتاب، قوله "فيُطْلَقُ كلُّ من حُبِسَ "بظلم" كان المراد فيه، إذا اعترف الخصم بأنه ظلمه، أو كان القاضي عالمًا، وقلنا: إنه يقضي بعلمه، فأما إذا قال المَحْبُوس: أنا مظلوم، فهو مذكور من بعد. وقوله: "أو في تعزير" إطلاق من حبس تعزيرًا، وقد ذكره هاهنا، وفي "الْوَسِيطِ" وسَكَتْ مُعْظَم الكتب عنه، ولعل وجه ما ذكره أن التعزير يتعلَّق بنظر الحاكم الذي بانَتْ عنده الجناية، ولا يُدْرَى أن الحاكم المصْرُوف، هل كان يديم حبسه لو لم يُصْرَفْ، لكن لو بانَتْ جنايةٌ عند الثاني، ورأَى إدامة حبسه، فالقياس الجَوازُ.

وقوله: "ومن أقر بالحَقِّ رُدَّ إلى الحبس" أي: إذا اقتضاه الحال بأن لم يؤدِّ ولم يثبت إعسارًا. وقوله: "فإن حضر خصمه، فليستأْنف الخصومة" بعد قوله: "أطلق على أحد الوجهين" تفريع على وجه الإِطلاق، والمعنى؛ أنه يُطْلَقُ، ثم إذا حضر خصمه مجلس الحكم، وادعى، فعليه إثبات الحق الذي يدعيه ببينة تقوم على نَفْس الحَقِّ، أو على أن القاضي المصْرُوفَ، حكم عليه بذلك، وفي "أمالي" أبي الفرج: أنه يكْفِي لاستدامةِ الحَبْس قيامُ البيِّنَة، على أن القاضي المصْرُوفَ حَبَسَهُ بحقٍّ على هذا المُدَّعِي، وإن لم يبيِّن جنس الدين وقدره.

وقوله فيما إذا ذكر خصمًا غائبًا، "فإطلاقه أوَلى" أشار بهذا الترتيب إلى الطريقين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015