صورة الحال لا قِرَاءَتُهُ بنفسه، ففي مثله في الطلاق، الأظهر ألاَّ يقع الطلاق؛ لأن الطلاق قد يعلق على قرائتها خاصةً فيتبع اللفظ، ولو كان أميّاً؛ تفريعاً على جوازه، فقُرِئَ عليه، فالحكْمُ بالانعزال أولَى، والظاهر في مثله من مسألة الطلاق الوقوعُ.
والثالث: فيمن ينعزل بموت القاضي وانعزاله وينعزل به كلُّ مأذون له في شغل معين؛ كبيع على ميت أو غائب، وسماع شهادة في حادثة معينة، وأما من استخلفه في القضاء، ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ينعزل كالوكيل بموت الموكِّل، وهذا ما أورده القاضي الرُّويانيُّ.
والثاني: المنع رعايةً لمصلحة النَّاس.
وأظهرها: أنه ينعزل، إن لم يكن القاضي مأذوناً في الاستخلاف لأن الاستخلاف في هذه الحالة، إنما يجوز لحاجته إلى من يعاونه في العمل، فإذا زالت ولايته بَطَلَت المعاونة، وإن كان مَأْذوناً في الاستخلاف، فَيُنْظَرُ؛ إن قال: استخلف عني، فاستخلف عنه، لم ينعزل خليفته؛ لأنه مأذون من جهة الإِمام، وكان الأول سفيراً في التولية، وإن قال: استخلف عن نفسك، أو أطلق، فينعزل؛ لظهور غرض المعاونة وبطلان المعاونة ببطلان ولايته.
ولو نصَّب الإِمام بنفسه نائباً عنه، فقد ذكر الشيخ أبو الفرج السرخسيُّ: أنه لا ينعزل بموت القاضي وانعزاله؛ لأنه مأذون من جهة الإِمام، ويجوز أن يُقَالَ: إذا كان الإِذن مقيَّداً بالنيابة، ولم يبق الأصل، لا يبقى النائب، ويتخرج على هذا الخلاف والتفصيل؛ أن القاضي هل له أن يعزل الخليفة.
القوَّام على الأيتام والأوقاف جعلهم صاحب الكتاب في "الوسيط" في معنى الخلفاء، والمشهورُ أنَّهُمْ لا ينعزلون بمَوْتِ القاضي وانعزاله من غير خلاف. كَيْلاَ تختلَّ أبواب المصالح، وصار سبيلهم سبيلَ المُتَوَلِّين المنصوبين من قبل الواقفين (?).