إحداهما: احتج الإِمام لصحَّة النذر في المسألة على أن القرباتِ كلَّها يصح نذرها، وإن لم توضَعْ وضعَ العبادات على ما تقدَّم.
والثانية: أغرب القاضي ابن كج، فحكَى وجهاً، أنه لا يجوز الوقف على البنيان كما لو وقف على المسجد والكعبة ونحوهما، وإنما الوقف على من يملك، وذكر على هذا أنه لا يجوز أن يُقْصَدَ كون الستر والطيب للكعبة، بل ينبغي أن يجعله لعامة المسلمين ليتجمّلوا به، ولا أدري، هل جرى ذكر هذا الوجه في الوقف أم لا؟.
فرع: نقل القاضي ابن كج وجهين فيما لو قال: إن شفى الله مريضي فلّله عليَّ أن أُعَجِّلَ زكاة مالي، هل يصحُّ نذره؟ ووجهين فيما إذا قال: إن شفى الله مريضي، فلّله عليَّ أن أذبح لابْنِي، هل يلزمه الذبحِ لابنه؟ لأن الذبح عن الأولاد مما يُتَقَرَّبُ به ووجهين فيما إذا قال: لله عليَّ، إن شفى الله مريضي أن أذْبَحَ ابني، فإن لم يجز، فشاة مكانه، هل يلزمه ذبح شاة؟ ووجهَيْنِ فيما لو نذر النصرانيُّ، أن يصلي، ويصوم، ثم أسلم، هل يلزمه أن يصلِّي صلاة شَرْعِنَا وصومه (?)؟ وأنه لو نذر أن يصوم بمكة -حرسها الله- ثلاثة أيام مثلاً، فلا يختص الصوم بمكة، وهذا قد سبق ذكره، وزاد، فقال: إن قلنا: لا يجوز دخول مكة، إلا بحج أو عمرة، انعقد النذر، ولزمه قصد مكة بحج أو بعمرة.
وإن قلنا: يجوز، فهل يلزمه أن يقصد مكة؟ فيه قولان؛ كما لو نذر المِضيَّ إلَى مسجد المدينة؟ أو مسجد بيت المقدس.
وفي فتاوى القفَّال: أنه إذا نذر رجُلٌ أن يضحي بشاة، ثم عيَّن شاة لنذره، فلما قَدَّمها للذبح صارت معيبة، لا تجزئ وبمثله، لو نذر أن يهدي شاةً، ثم عيَّن واحدةً، وذهب بها إلى مكَّة؛ فلما قدمها للذَبْح تعيَّبت، تجزئ؛ لأن الهدي ما يهدى إلى الحَرَمِ، وبالبلوغ إليه يحصل الإهداءُ، والتضحيةُ، لا تحصل إلا بالذبح، وإن صاحب "التقريب" قال: ولو قال رجلٌ: إن شفى الله مريضي، فلله عليَّ أن أشْتَرِيَ بدرهم خبزاً، وأتصدَّقَ به فلا يلزم الشراء، بل له أن يتصدق بخبز آخر بقدر درهم، وأنه لو قال: إن شفى الله مريضي، فلّله عليَّ رِجْلِي حج ماشياً، يصح نذره، إلا أن يريد إلزاماً على الرِّجْلِ خاصَّةً.
ولو قال: عَلَى نَفْسِي أو رقبتي، صح.
وأنه إذا نذر إعتاق رقبة، وكان عليه إعتاق رقبة في الكفارة، فأعتق رقبتين،