ذلك: وأتصدَّق على فقرائها أو نواه، بخلاف ما إذا نذر الذبْحَ بمكة، فإنَّ النذر هناك حمل على الواجب شرعاً، والذبح في غير مكة لا قربة فيه، ومن حكى الوجهَيْن في نذْرِ مكَّة؟ جعل الخلاف في غير مكة مرتباً على الوجهين هناك كما فعل في الكتاب وإذا انعقد النذر، إِما على الوجه الأول، أو الانضمام لفظ التصدق أو بنية على الثاني، فهل يجب التصدُّق باللحم عَلَى فقرائها؟ جعله الإِمام على قولَيْن مأخوذَيْن من الخلاف في نقل الصدقات، إن لم نجوز النقل، وجب التصدُّق عليهم، إنْ جوزناه، فوجهان: وجه تعيُّنهم، أن لفظ الناذر نصٌّ في التخصيص بهم والأخبار الَّتي تنقل في منع الصدقة تتعرَّض للتاويلات، والظاهر الذي يوجد للأكثرين التعيين، فإن قلْنا: لا يتعيَّن التصدُّق عليهم، فلا يجب الذبح بتلك البلدة بخلاف مكة فإنها محلُّ ذبح الهدايا، وإن قلْنا: يتعيَّن، فوجهان:

أحدهما: لا يجب الذبح بها، بل لو ذبح خارِجَها ونقل اللحم إلَيها طريّاً، جاز، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وجماعة.

والثاني: يتعيَّن إِراقة الدم بها، كما في مكة، وهذا ما أورده العراقيون، وحكَوْه عن نصه في "الأم" ولو قال: أضحي ببلدةِ كذا، وأفرِّقُ اللحم عَلَى أهلها، ينعقد نذره، ويغني ذكر التضحية عن ذكر التصدُّق ونيته وجعل الإِمام وجوب التفرقة على أهلها، ووجوب الذبح على الخلاف السابق، قال: ولو اقتصرَ على قوله: أضحي، فهل يتضمن ذلك تخصيص التفرقة بهم؟ فيه وجهان:

والظاهر الذي جرى عليه الأئمة، وحكَوْه عن صاحب "الإِفصاح": أنه يجب التفرقة والذبح بها، وخرَّج الإِمام الخلاف الذي ذكره في تعين فقراء البلدة؛ فيما إذا قال الرجل: لله عليَّ أن أتصدَّق علَى زَيْدٍ، وهو فقيرٌ، هل يتعيَّن زيد لذلك؟ والظاهر التعين.

وقد ذكر صاحب "التهذيب" وغيره؛ أنه لو نذر أن يتصدَّق بكذا على أهل بلد غنية، يجب أن يتصدَّق به عليهم، ومن هذا القبيل ما ينذر بعثه إلى القبر المعروف بجرحان، فإن ما يجتمع منه على ما يُحْكَى يقسم على جماعة معلُومِيَن، وفي "فتاوى القفَّال": أنه لو قال: إن شفى الله مريضي، فلله عليَّ أن أتصدَّق بعَشَرَةٍ عَلَى فلان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015