قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي الأَرْكَانِ وَالأَحْكَامِ: وَالأَرْكَانُ ثَلاَثَةٌ: الْمُلْتَزِمُ وَاللَّفْظُ وَالمُلْتَزَمُ أَمَّا المُلْتَزِمُ: فَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ لَهُ أَهْلِيَّةُ العِبَادَةِ، وَلاَ يَصِحُّ نَذْرُ الكَافِرِ لَكِنِ الأَحَبُّ إِذَا أَسْلَمَ أَنْ يَفِيَ بِهِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال الله تعالَى: {يُوْفُوْنَ بالنَّذِر} [الإِنسان: 7] {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] وعن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- {من نَذَرَ أَنْ يُطَيعَ الله فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله فَلاَ يَعْصِهِ} (?) وقال أيضاً {لاَ نَذْرَ في مَعْصِيَةِ اللهِ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُهُ ابْنُ آدمَ} (?) ولا يخفى أن النذر التزام شيء، وأنه قد يصح وقد لا يصح، وإذا صح ترتبت عليه الأحْكَامُ.
تضمَّن مقصود الكتاب طرفَيْنِ يشتمل أحدُهُمَا عَلَى بيان أركانه، وما يعتبر فيها للصحَّة، والثاني على بيان الأحكام، أما الأول، فالأركان ثلاثةٌ: الملْتَزِمُ النَّاذِرُ، وصيغةُ الالتزام، والشَّيْءُ المُلْتَزَمُ.
الركْنُ الأول: الملتزِم؛ وهو كل مكلَّفٍ له أهليةُ العبادة، وإن شئت، قلت: كل مكلف مسلم، فلا يصح نذرُ الصبيِّ والمجنون، ونذر السكران يجيء فيه الخلاف في تصرفاته، ولا يصح نذر الكافر (?)، وفي وجه: أنه يصح؛ لما رُوِيَ أن عمر -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم -: كُنْتُ نَذَرْتُ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" (?) والمذْهَبُ الأول؛ لأن النذر تقرُّبٌ، والكافر ليس