وَلاَ سَجْدَةَ فِي ص (ح م)، وَفِي الحَجِّ سَجْدَتَانِ (م) ثُمَّ هِيَ عَلَى القَارِئ وَالمُسْتَمِع جَمِيعاً، فَإِنْ سَجَدَ القَارِئُ تَأكَّدَ الاسْتِحْبَابُ عَلَى المُسْتَمِعِ، وإِنْ كَانَ فِي الصَّلاَةِ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ لِقِرَاءَةِ إِمَامِهِ إنْ سَجَدَ إِمَامُهُ، وَلاَ يَسْجُدُ (ح) لِقَرَاءَةِ غيْرِ الإِمَامِ، وَمَنْ قَرَأَ آيَةً فِي مَجْلِسٍ مَرَّتَيْنِ هَلْ تُشْرَعُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قال الرافعىِ: الفصل يشتمل على مسائل:
إحداها: سُجُودُ التِّلاَوَةِ سُنَّة، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال بوجوبها.
لنا: ما روي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- "أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سُورَةَ النَّجْم فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا وَلاَ أَمَرَهُ بالسُّجُودِ" (?).
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَر سُورَةَ السَّجْدَةِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ الأُخْرَى قَرَأَهَا فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رسْلُكِمْ إِنَّ اللهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ" (?).
الثانية: في عدد آيات السجدة قولان:
"الجديد": أنها أربع عشرة آية، وفي القديم أسقط سجدات المفصل وردها إلى إحدى عشرة؛ لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ (?) واحتج في الجديد بما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (?) " وكان إسلام أبي هريرة -رضي الله عنه- بعد الهجرة بسنين فرأى إثباته أَولى من النفي.
وأبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- يوافق الجديد في العدد ومالك القديم إلا أنهما أثبتا سجدة لا نعدها ونفيا بدلها أخرى نحن نثبتها، أما الأولى فسجدة "ص" عندنا ليست من عزائم السجود، وإنما هي سجدة شكر خلافاً لهما.