من زيد، فباع من وكيله، أو وكَّل وكيلاً حتى باع من زيد، لا يحنث.

ولو حلف، لا في بيع لزيد مالاً، فباع بإذنه، أو بإذْن الحاكم لحجر، أو امتناع حنث، وإن باع بغير إذنه، لم يحنث؛ لفساد العَقْد على ما سنذكر، فلو وكل زيدٌ وكيلاً ببيع ماله، وأذِنَ له في الوكيل، فوكَّل الوكيلَ الحالف فباعه، وهو لا يَعْلَم، فعن نصه -رضي الله عنه- في "الأم": أنه لا يحنث، وهو جوابٌ على أحد القولَيْن في حِنْثِ الناسِي.

ولو حلَف؛ لا يبيع لي زيدٌ مالاً، فوكَّل الحالفُ رجلاً بالبيع وأذن له في التوكيل، فوكَّل الوكيل زيدًا حتى باعه، حَنِثَ الحالفُ سواءٌ علم زيد أم لم يعلم؛ لأن اليمين منعقدةٌ على نفي فعل زيد، وقد فعل زيدٌ باختياره، وزاد صاحب "التتمة" في الصورة السابقة، فقال: إن كان قد أذِنَ لوكيله أن يوكِّلَ عنه، حَنِثَ في يمينه؛ لأنه باع لزيَدِ؛ يعني إذا علم، أو إذا قلنا بأن الناسِيَ يَحْنَثُ، وإن كان قد أذِنَ له في التوكيلِ عن نَفْسِه، فباع، لا يَحْنَث؛ لأنه ما باع لزيد، وإنما باع لوكيله، وإن أطلق الإِذْنَ في التوكيل، فعلى الخلاف في أن مَنْ يوكِّلُه وكيلُ الوكيل، أو وكيلُ الموكِّل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: لاَ أَبِيعُ الْخَمْرَ فَبَاعَ، أَوْ لاَ أَبِيعُ مَالَ امْرَأَتِي بَغَيْرِ إِذْنِهَا فَبَاعَ لَمْ يَحْنَثْ (ح وز م) لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ حَقِيقَةً، وَالفَسادُ لَيْسَ بِعَقْدِ إلاَّ إِذَا حَلَفَ ألا يَحُجَّ يَحْنَثُ بِالفَاسِدِ لأَنَّهُ مْنَعْقِدٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألةُ الثالثةُ: إذا حلف، لا يبيع، فباع بيعًا فاسدًا، أو لا يهبُ، فوهب هبةً فاسدةً، لم يحنثْ، وبه قال أحمد، وتنزل ألفاظ العقود على الصحيح، وكذلك من أقربها يُؤخَذُ بموجَبِها، ولو تلفَّظ المتعاقدان بالإيجاب والقَبُولُ، ثم قال أحدهما: أردتُّ الفاسد، لم يُقْبَلْ، وعن أبي حنيفة ومالكٍ -رحمهما الله- فيما رواه بعض أصحاب أحمد، أنه يحنث بالصحيح والفاسد، هذا إذا أطلق اليمين، أما إذا أضافَ في اليَمِينِ لفْظَ العقد إلَى ما لا يقبله؛ بأن حَلَف، لا يبيع الخَمْر أو المستولدة، أو مالَ امرأتِي وغيرها بغَيْر إذن، ثم أتى بصورة البيع، فإن كان مقصودهُ ألا يتلفظ بِلَفْظِ العَقْد مضافًا إلَى ما ذكره، فلا يخفَى أنه يحنث، وإن أطلق، لم يحنث؛ لأن البيع عبارةٌ عن السبب المملك، وذلك لا يتُصَوَّر في الخَمْر، فتلْغُو إضافته إلَيْهَا.

وكذا لو قال: لأبيعَنَّ الخمر، لا يَبُّر في صورة البيع، وذهب المزنيُّ إلى أنه يحنث؛ لأنه لما أضاف البيع إليها، وهي غيرُ قابلةٍ له، كان اللفظُ محمولاً عَلَى صورة البيع، وذكر الإِمام؛ أن صاحب "التقريب" حكَى وجهًا للأصحاب، كما ذكره المزنيُّ.

وشبه مُشَبِّهون قوله إن بعتِ الخَمْرَ، فأنتِ طالقٌ، بقوله: إنْ صَعَدَتِّ السماءَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015